تبعه القصيمي في قرننا الحاضر فحذا حذوه واتخذ وتيرته ، واتبع هواه فقذف الشيعة وكفّرهم لأنهم يقرون الاعتصام بحبل العترة الطاهرة ويأخذون منها معتقداتهم التي منها زيارة القبور والدعاء عندها والتوسل ببعضها كالأنبياء والأولياء والاستشفاع بهم.
واستندوا على تحريم زيارة القبور بأمرين :
الأول :
إنّ زيارتها عبث لا فائدة فيه ، وهل ينفع الطين والحجر لو زارهما إنسان ، أما الصلاة والسلام على الرسول الكريم فلا فرق فيها بين القرب والبعد لأنها حاصلة في الحالين ، وأما مشاهدة النبي في حياته فلا فضل لها بذاتها ، وأما زيارته ميتا فلن يستطيع أحد من الناس أن يثبت لزيارة قبره الشريف فضلا ما (١).
والجواب :
إنّ زيارة مطلق القبور فيها نفع للزائر والمزور ، فهي تنفع الزائر لاتّعاظه برؤية القبور واقتباس العبرة من حال الأموات ، وتنفع المزور بوصول الثواب والعطاء من الزائر ، هذا فيما إذا كان المزور غير نبيّ أو وليّ أو هما ، فالثواب يرجع إلى الزائر لتعظيمه قبور الأنبياء والأولياء.
أمّا زيارة النبيّ وشدّ الرحال إليه فإنّه نوع تكريم له سيما أن كلّ ملّة من الملل تستعظم زيارة كبرائها وزعمائها وتراها فضلا وشرفا وتعدّها للزائر مفخرة ومحمدة وتكثر إليها رغبات أفرادها لما يرون فيها من الكرامة وقد جرت على هذه سيرة العقلاء من الملل والنحل وعليه تصافقت الأجيال في أدوار الدنيا وكان يقدّر الناس سلفا وخلفا أعلام الدّين بالزيارة والتبرّك بهم.
الثاني :
إنّ زيارة القبور يعني زيارة أموات غير قابلين للتفهيم ويستدلون بقوله تعالى : (وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (فاطر / ٢٣).
__________________
(١) الغدير : ج ٥ ص ٩٠ نقلا عن «الصراع» للقصيمي : ج ١ ص ٥٤.