الدليل الرابع :
طلب الحاجة من غير الله سبحانه محرّم ، بدعوى أنّ الاستشفاع من الأولياء يعني الاستعانة بغيره وهو غير جائز بنص القرآن كما في قوله تعالى :
(فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) (الجن / ١٩).
(ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر / ٦١).
والجواب :
١ ـ إنّ المقصود من قوله تعالى : (فَلا تَدْعُوا ...) هو الدعوة المحرّمة المقرونة بالعبادة والاعتقاد بألوهية ذلك المدعو وربوبيته وليس المقصود من تحريم دعوة غير الله في الآية الدعوة المطلقة الشاملة للأوثان والصالحين.
فمعنى الآية : لا تعبدوا مع الله أحدا في العبادة كما قال في آية أخرى : (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) (الفرقان / ٦٩).
٢ ـ إنّ ما تحرّمه الآية وتنهى عنه هو أن ندعو مع الله أحدا ونجعله مساويا في الدعاء كما تدلّ على هذا جملة (مَعَ اللهِ) فإذا طلب إنسان من النبي أو الولي عليهماالسلام أن يبتهل إلى الله تعالى بالدعاء والتوسّل لقضاء حاجته وغفران ذنوبه فليس معناه أنه دعا مع الله أحدا ، بل إنّ هذا الدعاء في الحقيقة ليس إلّا دعاء الله سبحانه قال تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
وما أشارت إليه بعض الآيات كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (الأعراف / ١٩٥).
وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) (الأنعام / ١٩٨).
فإنّ هاتين الآيتين تشيران إلى أن المشركين كانوا يعتبرون الأصنام آلهة صغارا تملك الاختيار الكامل لأفعال الله تعالى كلها أو بعضها ، لذا انتقدهم سبحانه بهاتين الآيتين وغيرهما.
والخلاصة : إنّ المشركين كانوا يعتبرون أصنامهم آلهة صغارا وإنّ أفعال الله تعالى مفوّضة إليها بشكل مطلق ، لكنّ طلب الشفاعة والدعاء من إنسان منحه الله