«توسل إليه بوسيلة : إذا تقرّب إليه وتوسل إليه بكذا تقرّب إليه بحرمة آصرة تعطفه عليه ، وهي في الأصل ما يتوصل به إلى الشيء ويتقرّب به ويطلق على كل عمل خالص يسلك به طريق التقرّب إلى الله بأداء الفرائض والنوافل وأنواع التطوعات. والوسيلة الوصلة والقربى وجمعها الوسائل قال تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ)» (١).
فكما أن العبادات وكل الطاعات وسائل إليه تعالى للقرب منه ونيل ألطافه كذا شفاعة الأنبياء والأئمة والأولياء الصالحين يعدّ تقرّبا إليه تعالى وفق ما نصّ عليه القرآن الكريم وهي داخلة في مفهوم الوسيلة ، والذين خصصوا هذه الآية وقيدوها ببعض المفاهيم لا يمتلكون في الحقيقة أي دليل على هذا التخصيص لأنّ كلمة «وسيلة» تطلق في اللغة على كل شيء يؤدي إلى التقرّب ، لذا من أهم الوسائل إليه تعالى الاقتداء بأئمة الهدى المنصوبين من قبله تعالى ، من هنا وردت النصوص الصريحة والواضحة أن «الوسيلة» هي علي (٢) بن أبي طالب عليهالسلام ، قال القمي (قدسسره) في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) قال : تقرّبوا إليه بالإمام (٣).
وهناك وسائل أخرى قد تحدّث عنها القرآن يمكن بواسطتها العروج إلى الكمال المطلق والحياة الأبدية.
من هذه الطرق : الصلاة والصوم كما قال تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) (البقرة / ١٥٤).
(إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) (العنكبوت / ٤٦).
فالصلاة وسيلة للنهي عن الفحشاء والمنكر.
ومن الطرق أيضا : «مودّة أهل القربى» فقد أجمع المفسرون أن المقصود من قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (الشورى / ٢٤).
__________________
(١) لسان العرب : ج ١١ ص ٧٢٤.
(٢) تفسير الميزان : ج ٥ ص ٣٣٣ نقلا عن ابن شهرآشوب.
(٣) تفسير القمي : ج ١ ص ١٩٥ ط. دار السرور.