هم أهل البيت عليهالسلام (١) ، هذه المودة هي جسر للسعادة ووسيلة للقرب منه تعالى.
فمودة آل البيت عليهمالسلام هي السبيل المشار إليه في الآية ، والتي عبّرت عنه سورة الفرقان آية ٥٨ :
(قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) فالمودّة في القربى هي نفس «السبيل» المشار إليه في هذه الآية المباركة.
وأحب أن أنوّه بأنه ليس المقصود من «المودة» الحب الجاف الأجوف ، بل المراد هو الحب الخالص البنّاء ، الذي يكون أساس تجانس الطرفين ، ونفوذ المحبوب في قلب المحب ، ونتيجة ذلك هو التشابه الخلقي بهؤلاء والتكامل الروحي في ضوء الإتيان بالفرائض والابتعاد عن المعاصي ، لأنّ مودة كهذه تكون هي الطريق الذي يمهّد نحو السعادة ، وأن الهدف من الرسالة هو قيادة الناس إلى هذه السبل والطرق ، وعلى هذا فإن مودة هؤلاء الأعاظم توجب فائدة عظيمة ترجع آثارها على الإنسان المحب ، وليس لصاحب الرسالة ، وإلى هذا أشار قوله تعالى : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (سبأ / ٤٨).
وعلى هذا الأساس يمكن للمودة في القربى أن تكون إحدى الوسائل التي دعانا إليها سبحانه في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ولو توسلنا إليه بالنبي محمّد وآله المعصومين فإننا لا محالة فائزون منتصرون.
٢ ـ ومن الآيات الدالّة على جواز التوسّل ومشروعيته ، قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (النساء / ٦٥).
٣ ـ وقوله تعالى : (قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ (٩٨) قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (يوسف / ٩٨ ـ ٩٩).
هنا تشير الآية إلى إخوة يوسف كيف طلبوا من أبيهم أن يستغفر لهم
__________________
(١) لاحظ تفسير شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي : ج ٢ ص ١٣٠.