الخلاف ، فهو قد استغل الفتنة ولم يثرها ، وأن خصوم الشيعة أيام الأمويين والعباسيين ، قد بالغوا في أمر عبد الله بن سبأ هذا ليشككوا في بعض ما نسب من الأحداث إلى عثمان وولاته من ناحية ، وليشنّعوا على عليّ عليهالسلام وشيعته من ناحية أخرى فيردوا بعض أمور الشيعة إلى يهودي أسلم كيدا للمسلمين وما أكثر ما شنّع خصوم الشيعة على الشيعة؟ (١).
ثالثا : على فرض أنّ الرجل حقيقة وليس أسطورة تاريخية لكن لا شك أنّ ما نقل عنه في ذلك المجال سراب وخداع ، لأنّنا نشك أن يكون لابن سبأ هذا الأثر الفكري العميق مؤثرا على صحابة بلغوا القمة في العلم والعمل ، عدا عن أنه أحدث انشقاقا عقائديا بين طائفة كبيرة من المسلمين.
رابعا : إن الشيعة برمّتهم يتبرّءون من الرجل المذكور لغلوه في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام على فرض صحة ما نسب إليه وأن أمير المؤمنين عليهالسلام استتابه ثلاثة أيام فلم يرجع فأحرقه بالنار في جملة سبعين رجلا (٢).
وقال الشيخ الطوسي (قدسسره) (٣٨٥ ـ ٤٦٠) في رجاله في باب أصحاب أمير المؤمنين : عبد الله بن سبأ الذي رجع إلى الكفر وأظهر الغلوّ (٣).
وقال الشيخ الحلي «قدسسره» (٦٤٨ ـ ٧٢٦) : غالّ ملعون ، حرّقه أمير المؤمنين عليهالسلام بالنار ، كان يزعم أن عليا إله وأنّه نبي ، لعنه الله (٤).
وقال ابن داود (٦٤٧ ـ ٧٠٧) : عبد الله بن سبأ رجع إلى الكفر وأظهر الغلو (٥).
وقال الشيخ حسن (ت عام ١٠١١) في التحرير الطاوسي : غال ملعون حرّقه أمير المؤمنين عليهالسلام بالنار (٦).
خامسا : على فرض أنّ كلّ ما ساقوه في القصة صحيح ، ولكن لا ملازمة
__________________
(١) الفتنة الكبرى فصل ابن سبأ والغدير ج ٩ / ٢٢٠.
(٢) رجال الكشّي ، صفحة ٩٨ ، رقم ٤٨.
(٣) رجال الطوسي ، باب أصحاب علي عليهالسلام ، رقم ٧٦ ، ص ٥١.
(٤) الخلاصة للعلامة الحلي : القسم الثاني ، الباب الثاني ، ص ٢٣٦.
(٥) رجال ابن داود : القسم الثاني ص ٢٥٤ رقم ٢٧٨.
(٦) التحرير الطاوسي ص ١٧٣ رقم ٢٣٤.