ـ النظرية الثالثة : ترجع أصل التشيّع إلى أيام خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليهالسلام ، وممّن قال بهذا الرأي ابن النديم في الفهرست ص ٢٢٣ ، قال : «لمّا خالف طلحة والزبير عليّا عليهالسلام ، وأبيا إلّا الطلب بدم عثمان بن عفان ، وقصدهما علي عليهالسلام ليقاتلهما حتى يفيئا إلى أمر الله تعالى ، تسمّى من اتّبعه على ذلك بالشيعة ، فكان يقول : «شيعتي».
ـ النظرية الرابعة : ترجع أصل التشيّع إلى أيام شهادة الإمام الحسين عليهالسلام وما أفرزته تلك الواقعة الفريدة من تطورات هامة في داخل الساحة الإسلامية ، ومن مؤيدي هذا الاتجاه: الدكتور كامل مصطفى الشيبي في كتابه (الصلة بين التصوف والتشيّع ، ج ١ ص ٢٢) وبروكلمان في كتابه (تاريخ الشعوب الإسلامية ص ١٢٨).
ـ النظرية الخامسة : ترجع أصل التشيّع إلى الأصول الفارسية ، ومن أنصار هذه النظرية كثير من المستشرقين حيث لهم تلميحات وإيماءات تشير إلى ذلك ، وكذا أبو زهرة في كتابه (تاريخ المذاهب الإسلامية) ، وأحمد عطية في كتابه (القاموس الإسلامي).
ـ النظرية السادسة : ترجع أصل التشيع إلى عهد الإمام الصادق عليهالسلام حيث قام تلميذه هشام بن الحكم بوضع قواعد وأسس المذهب الشيعي ، ومن مؤيدي هذه النظرية الدكتور محمد عمارة في كتابه (الإسلام وفلسفة الحكم ص ١٥٨).
هذه أهم النظريات عن أصل التشيع وكلّها مردودة جملة وتفصيلا ، لأنّ التشيع ـ وكما قلنا سابقا ـ أول حركته كانت منذ عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو الذي أصّل قواعده وثبّت دعائمه ، فمن خلال إلقاء نظرة تدبرية على النصوص المحمدية نجد بوضوح أن النبي محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم أوّل شيعيّ مناصر لعليّ عليهالسلام ، ألم يصرّح النبي في غدير خم : «من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه» ، وما ورد عن أم سلمة رضي الله عنها ، قالت : قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : «عليّ وشيعته هم الفائزون يوم القيامة».
والتشيع برأي تلكم النظريات لا يحظى بجذور فكرية أصيلة ، فهو وإن كان في نشأته الأولى تيارا سياسيا محضا ـ وهو ما أكد عليه عدد من المستشرقين منهم برنار لويس وجولد سهير وغيرهما ـ إلّا أنه في تكوينه المذهبي اللاحق كان من وحي اليهودي المتأسلم عبد الله بن سبأ ، وهذا ما أكدته المصادر السنية المتقدمة ،