أما الأخبار : فسنأتي على ذكرها بعد قليل.
وحيث إن مفهوم «معاونة الظالمين» واسع يتحقق ضمن صور :
الصورة الأولى : أن يعينهم في الظلم.
الصورة الثانية : أن يعدّ من أعوانهم كأن يكون اسمه في ديوانهم من دون أن يشارك في ظلمهم ، وإن شارك فإنما يشارك في الأعمال الصالحة كبناء مسجد أو مدرسة أو مستشفى أو نصب ضياء في الطريق وما شابه ذلك.
الصورة الثالثة : لا يعينهم في الظلم ولا يعدّ من أعوانهم ، وإنما يعمل لهم عملا تبرعا أو بأجرة.
أما بيان الصورة الأولى :
أي معونة الظالم في ظلمه. فيدلّ على حرمتها بعد استقلال العقل بقبحها قوله تعالى: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) (هود / ١١٤).
(وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (الأنعام / ٦٩).
(وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) (هود / ٦٠).
(فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) (هود / ٩٨).
(وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) (الكهف / ٥٢).
(وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) (الجاثية / ٢٠).
فالركون إلى الذين ظلموا يتحقق بشيئين :
إما بمعنى الميل والحب.
وإمّا بمعنى الاعتماد عن ميل وحب.
وهذان يتحققان :
إما في نفس الدين : كأن يذكر بعض حقائقه بحيث ينتفعون به أو يغمض عن بعض حقائقه التي يضرهم إفشاؤها.