المحراب ، فلو كان عليهالسلام هو الذي أمره بالصلاة لما رجع باللوم على أزواجه في ذلك ولا بادر على الحال التي وصفناها حتى صرفه عن الصلاة ، ولكان قد أقرّه حتى يقضي فرضه ويتمّ الصلاة وفي صرفه له وقوله لعائشة ما ذكرناه دليل على صحة ما وصفناه (١).
إذن لو كانت صلاة أبي بكر بالناس كما زعموا صحيحة بأمر منه صلىاللهعليهوآلهوسلم لكان خروجه صلىاللهعليهوآلهوسلم في تلك الحال مع ضعفه وتنحية أبي بكر عن المحراب وتولّيه الصلاة بنفسه بعد صدور الأمر به أولا يعدّ مناقضة صريحة لا يليق بمن لا ينطق عن الهوى ، ولو سلّمنا ذلك كله لكان خروجه صلىاللهعليهوآلهوسلم وعزله للمذكور مبطلا لهذه الإمارة لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم يكون قد نسخها بعزله عنها ، فكيف يكون ما نسخه بنفسه حجة على ثبوته.
مضافا إلى أن عزل النبي له بعد تقدمته إنّما كان لإظهار نقصه عند الأمة ، وعدم صلاحيته للتقديم في شيء تماما كما حصل في بعث النبي له بسورة براءة ثم ردها منه ، فإنّ من لا يصلح أن يكون إماما للصلاة مع أنه أقل المراتب لصحة تقديم الفاسق فيها عندهم ، فكيف يصلح أن يكون إماما عاما ورئيسا مطاعا عند جميع الخلق ، وإنما قصده صلىاللهعليهوآلهوسلم بإيقاع هذا الأمر منه هو إظهار نقص أبي بكر وعدم صلاحيته للتقديم في ذلك للناس كما حصل له في سورة براءة ، فيكون ذلك حجة عليهم لا لهم.
وأيضا فإنّ الأمر الذي خرج إلى بلال لم يكن مشافهة من النبي بل كان بينهما واسطة ، فإذا كان كذلك فيحتمل في الواسطة الكذب لكونها غير معصومة ، وإذا احتمل كذبه لم يبق في هذا الأمر حجة ، لاحتمال أن يكون بغير أمر النبي كما عرفت من أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج وعزل أبا بكر.
٤ ـ لو كان خبر تقديم أبي بكر في الصلاة صحيحا كما زعموا وكان مع صحته دالّا لى إمامته لكان ذلك نصّا من النبي بالإمامة ومتى حصل النص لا يحتاج معه غيره ، فكيف لم يجعل أبو بكر وأصحاب السقيفة ذلك دليلا على إمامة أبي بكر؟! وكيف لم يحتجّوا به على الأنصار؟!!
وكيف بنوا الخلافة على المبايعة التي حصل فيها الاختلاف والاحتياج إلى
__________________
(١) العيون والمحاسن للمفيد : ص ١٢٥.