فزيعان من جرم بن ريّان انّهم |
|
أبوا أن يجيروا في الهزاهز محجما |
أي : نحن فزيعان.
ويقال للمتكلم : «مطاع معان». ويقال له : «أراحل أم مقيم»؟ وقال الشاعر :
تقول ابنة الكعبي لمّا لقيتها |
|
أمنطلق في الجيش أم متثاقل |
أي : أنت كذلك.
فإذا كان لا بدّ في الكلام من إضمار فليس لهم أن يضمروا شيئا بأولى منّا إذا أضمرنا سواه.
فأمّا قوله : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً) إلى آخر الآية فإنّما هو أيضا على جهة التقدير والتمثيل اللذين قدّمناهما ، وحذف من الكلام ما يقتضي فيه التقدير.
ومعنى قوله : (وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) أي صار أعزّ منّي. وقيل : إنّه أراد : قهرني وغلبني.
وأمّا قوله : لقد ظلمك من غير مسألة الخصم ، فإنّ المراد به إن كان الأمر كذلك. ومعنى ظلمك : نقصك وثلمك ، كما قال الله تعالى : (آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً) (١).
ومعنى «ظنّ» قيل فيه وجهان :
أحدهما : أنّه أراد الظنّ المعروف الّذي هو بخلاف اليقين.
والوجه الآخر : أنّه أراد العلم واليقين ؛ لأنّ الظنّ قد يرد بمعنى العلم ، قال الله تعالى : (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها) (٢) وليس يجوز أن يكون أهل الآخرة ظانّين لدخول النار بل عالمين قاطعين.
وقال الشاعر :
فقلت لهم ظنّوا بإلقاء مذحج |
|
سراتهم في الفارسيّ المسرّد |
أي أيقنوا.
__________________
(١) سورة الكهف ، الآية : ٣٣.
(٢) سورة الكهف ، الآية : ٥٣.