حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) (١) باطل ؛ لأن «الظالمين» لفظ محتمل للعموم والخصوص على سواء ، وسندل على ذلك ، فمن أين وجوب عمومه وما المنكر أن يكون مختصّا بالكفّار ، وقال الله تعالى : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (٢) ، على أنه نفى شفيعا يطاع ولا أحد يقول بذلك ، وإنّما اختلفوا في شفيع يجاب.
وتعلّقهم بقوله تعالى : (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) (٣) فاسد ؛ لأن النصرة غير الشفاعة ، وإنّما النصرة المدافعة والمغالبة ، ويقترن بالشفاعة خضوع وخشوع ، وليس كذلك النصرة ، وخلافنا أيضا في العموم معترض على ذلك.
والتعلّق بقوله تعالى : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) (٤) غير نافع لهم ؛ لأن المراد لمن ارتضى أن يشفع فيه ؛ لأن الشفاعة في المذنبين لا يكون على سبيل التقدّم بين يدي الله تعالى بل باذنه ، وقال الله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (٥) ، وقال تعالى : (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى) (٦) ، وليس هذا تركا للظاهر ؛ لأن المرتضى محذوف ، فأيّ فرق بين أن يضمر من ارتضى أفعاله ، وبين أن يضمر من ارتضى أن يشفع فيه؟
وفي المرجئة من لم يمتنع من أن يجعل الفاسق الملي فيمن يطلق عليه أنه مرتضى ، ويراد أن إيمانه مرتضى كما نقول : هذا النجّار مرتضى عندي ، أي للنجارة دون غيرها.
وتعلّقهم بأنه تعالى وصف يوم القيامة بأنه لا يجزي نفس عن نفس شيئا فيه ولا يقبل منها شفاعة (٧) باطل ؛ لأنا كلّنا نرجع عن هذا الظاهر ، ونقول : إن في ذلك اليوم شفاعة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مقبولة.
__________________
(١) سورة غافر ، الآية : ١٨.
(٢) سورة لقمان ، الآية : ١٣.
(٣) سورة البقرة ، الآية : ٢٧٠.
(٤) سورة الأنبياء ، الآية : ٢٨.
(٥) سورة البقرة ، الآية : ٢٥٥.
(٦) سورة النجم ، الآية : ٢٦.
(٧) إشارة إلى الآية ١٢٣ من سورة البقرة.