منها من رواياتهم المعروفة المشهورة ، ويمكن حملها بعد ذلك على أنّها خرجت مخرج التقية ، فانّ الأكثر من مخالفي الإمامية يذهبون إلى أنّ الزكاة واجبة في الأصناف كلّها ، وإنّما يوافق الإمامية منهم الشاذّ النادر ، ومما يقوي مذهبنا في هذه المسألة : أنّ الذرّة والعدس وكثيرا من الحبوب الخارجة من الحنطة والشعير والتمر كانت معروفة بالمدينة وأكنافها ، وما نقل أحد من أهل السير عن أحد ممّن بعثه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأخذ الصدقة أنّه أخذ في جملة ما أخذ عدسا ولا ذرّة ، كما رووا ، وعيّنوا الحنطة والشعير والتمر فدلّ ذلك على أنّه خارج عن أصناف ما يؤخذ منه الزكاة (١).
[الثاني :] وممّا ظنّ انفراد الإمامية به نفي الزكاة عن عروض التجارة ...
دليلنا على صحّة هذه المسألة كلّ شي ، دلّلنا به على أنّ الزكاة لا تجب فيما عدا الأصناف التسعة التي عيّناها ، وعروض التجارة خارجة عن تلك الأصناف فالطريقة تتناولها ، ويمكن أن يعارضوا بما رووه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله : ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة (٢).
وعموم هذا الخبر يقتضي نفي الصدقة عمّا هو معرض للتجارة وعمّا ليس بمعرض لها ؛ لأنّه عليهالسلام لم يفصل بينهما ، وإذا ثبت نفي الصدقة عن العبد والفرس وإن كان للتجارة ثبت فيما عداهما من العروض ؛ لأنّ أحدا لم يفصّل بين الأمرين.
وأيضا ؛ فانّ أصول الشريعة تقتضي أنّ الزكاة إنّما تجب في الأعيان لا الأثمان ، وعروض التجارة عندهم إنّما تجب في أثمانها لا أعيانها ، وذلك مخالف لأصول الشريعة.
فان تعلّقوا بقوله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) وأنّ عموم الآية بقوله يتناول عروض التجارة.
فالجواب عن ذلك : أنّ أكثر ما في هذه الآية أن يكون لفظها عموما
__________________
(١) الانتصار : ٧٥.
(٢) صحيح البخاري ، ٢ : ١٤٩.