الشجرتين ، لذا جاء في المثل العربى : «في كُلِّ شجرٍ نار»!
فخلاصة الكلام أنّ أخشابَ الأشجار عندما تصطدم ببعضها بقوّة تخرج منها شرارة من النار ، وهذا الأمر يصدق حتى في أخشاب الأشجار الطريّة! وبسبب هذه الظاهرة تَحدُثُ حرائقُ هائلة ومرعبة في الغابات من دون أن يكون للإنسان ايُّ تدخّل فيها.
وهذه الحرائق تحدث بفعل الرياح الشديدة التي تضرب أغصان الأشجار ببعضها بشدّة فَتَسْقُطُ شراراتُها أحياناً على أوراق الشجر الجافّة فتحرقها ، ثم تتسع بعد ذلك رقعةُ النار بسبب هبوب الرياح ، فنرى فجأةً التهام النار لمناطق شاسعة من الغابات.
وأمّا تفسير هذه الظاهرة من وجهة نظر العلم الحديث فهي جليّة وواضحة ، لأننا نعلم بأنّ الأشجار ليست الوحيدة التي تولّد شرارة من النارعند ارتطامها ببعضها بقوّة بل تتولّدُ شرارة كهربائية من ارتطام كل جسمين ببعضهما ، وهذه النار موجودةٌ في جميع ذَرّاتِ العالم المادّي حتى في باطن الأشجار الخضراء.
إنّه أمرٌ عجيبٌ حقّاً ، فما القدرة التي تخلط النار في الماء؟ ومن أصلح فيما بين هذين العدوّين اللّدودين اللّذينِ عرّفهما القدماء بأنّ طبع أحدهما بارد رطب والآخر حارٌ جاف؟ فهل يكون الإصلاح بين الموت والحياة أمرٌ عسير على هذه القدرة؟ أو هل يصعب على القدرة أن تجعل أحدهما في مكان الآخر؟!
وبتعبير آخر : هل يمكن لأحد أن يجمع النار والماء في مكان واحد بحيث لا يُطفي الماءُ النارَ ولا تُحرقُ النارُ الشجرَ ، وهل يكون إحياء الشجر اليابس مرّة اخرى أمراً عسيراً؟!
٣ ـ وهناك تفسير آخر لهذه الآية قد خفي على المفسّرين السابقين ، لكنّه أصبح واضحاً لنا بعد تطور العلم الحديث ، ومن المحتمل أن يكون أنسب التفاسير ، وهو : إنّ الأشجار خلال فترة حياتها تمتصُّ ضوءَ وحرارة الشمس باستمرار وتَدَّخِرُهُما في باطنها ، وعندما نُحرِق الخشب الجافَّ تنبعث الحرارة والضوءُ اللتان امتصّتهما الشجرة في مدّة طويلة وتنفدُ في مدّة وجيزة ونستفيد نحن منهما ، أي أنّ الطاقة الخاملة تعودُ في هذه القيامةِ وتُظهِرُ وجودها ، فبناءً على ذلك نحن نرى منظر المعاد أمام أعيننا إذا أجّجْنا ناراً!