وأخيراً ففي الآية العاشرة والأخيرة وعَدَ الله عزوجل جاحدي المعاد بالخلود في النار وهَدَّدهم بالعذاب الدائم.
قال تعالى بعد أن وجّه الخطاب إلى النبي صلىاللهعليهوآله : (وانْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْءَإِذَا كُنَّا تُرَاباًءَإنَّا لَفِى حَلْقٍ جَدِيدٍ).
ثم يضيف إلى ذلك : (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْاغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
الحديث في بداية الآية عن تعجّب الكفّار، ثم يَعِدُّ هذا التعجب من غرائب الامور، أي هل هناك عجبٌ من هذا الأمر الواضح المُعزز بِكل هذه الأدلة؟ ويصورهم في نهاية الآية بصورة السجناء المكبَّلين بالأغلال والسلاسل في أعناقهم، وأي أغلال وأي سلاسل أكثر تقييداً من التعصب والجهل والهوى الذي يسلبهم كل أنواع حرية التفكّر إلى حدٍ تصبح فيه المسألة الواضحة كل الوضوح مدعاة لَعَجبِهم، وذلك لأنّها لا توافق هواهم وتقليدهم الأعمى.
فيجب الالتفات إلى أنّ ظاهر الآية هو التقييد بالأغلال والسلاسل في الوقت الحاضر لا بعد ذلك في يوم القيامة ، كما جاء في الشعر العربي : لَهُمْ عن الرُّشدِ أغلالٌ وأقيادُ ، ولكن بعض المفسرين يرى أنّ الآية تشير إلى حالهم يوم القيامة ويعتقد بأنّ الأغلال والسلاسل ستوضع على أعناقهم في ذلك اليوم (١) ، وذكر البعض الآخر كلا الاحتمالين (٢) ولكنَّ عدداً من المفسرين يعتقد بأنّ الآية تشير إلى حالهم في الدنيا ، كما صرح بذلك المرحوم العلّامة الطباطبائي في تفسير الميزان فإنّه قال : (وَأُولَئِكَ الْأَغلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ) إشارة إلى اللازم الثاني وهو الاخلاد إلى الأرض والركون إلى الهوى والتقيد بقيود الجهل وأغلال الجحد والإنكار (٣).
ومن الواضح أنّ قيوداً وأغلالاً من هذا القبيل والتي يضعُها الإنسان في يديه ورجليه
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ذيل الآية ٥ من سورة الرعد ؛ وتفسير القرطبي ، ج ٥ ، ص ٣٥١٣.
(٢) تفسير الكبير ، ج ١٩ ، ص ٩.
(٣) تفسير الميزان ، ج ١١ ، ص ٣٠٠.