وفي الآية الثامنة هدّد القرآن بشكلٍ صريح بتعذيب الذين لا يؤمنون بالآخرة عذاباً أليماً ، قال تعالى : (وَأَنَّ الَّذِينَ لَايُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ اعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً الِيماً).
فهو من جانب يقول : إنّ الجزاء مُعدٌ وجاهز كي لايظنّ أحد أنّ الجزاء وعد مؤجلٌ ، ومن جانبٍ آخر يصف العذاب الإلهي بـ «الأليم» وهذا الوصف من أجل المبالغة في بيان أهميّة الإيمان بالمعاد.
وكلمة «عذابٌ أليم» تكرر ذكرها في القرآن المجيد عشرات المرّات وفي آياتٍ مختلفة ، وخوطِبَ بها الكفّار والمنافقون غالباً ، ووردت أحياناً في تهديد من يقترف الذنوب الكبيرة مثل ترك الجهاد (سورة التوبة / ٣٩) والاجحاف عند القصاص (البقرة / ١٧٨) أو اشاعة الفحشاء (النور / ١٩) أو الظلم والعدوان (الزخرف / ٦٥) وما شابه ذلك من الكبائر.
* * *
وفي الآية التاسعة ذُكِرت ثلاث عقوبات أليمة للذين لا يبالون بيوم القيامة ، قال تعالى : (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا).
(وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ).
(وَمَالَكُمْ مِنْ نَّاصِرِينَ).
إنّ الغفلة عن يوم القيامة أو نسيانه هو مصدر جميع أنواع الضلال في الواقع ، كما جاء في القرآن! (.... إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) (١). (ص / ٢٦)
من الطبيعي أنّ الله موجودٌ في كل مكان ، وأنّ جميع الأشياء حاضرة بين يديه ، ولا معنى لنسبة النسيان إليه ، فالمراد من النسيان هنا هو أنّ الله تعالى يحرم هؤلاء من رحمتة إلى أبعد الحدود بحيث يُتَصوَّر أنّه نسيهم!
* * *
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج ١٣ ، ص ٥٠.