وبتعبير آخر : إنّ كل ما تقع عليه أنظارنا يخضع للنظم والعدالة ، وقد شملت هذه القوانين كل شيء ابتداءً بالمنظومات الشمسية وانتهاءً بأصغر ذرة.
ومن ناحية اخرى لا يمكن استثناء الإنسان من قانون العدالة السائد بمشيئة الله على جميع عالم الوجود ، ولا يتسنى له عدم الانسجام مع أجزاء الكون الاخرى لأنّ هذا الاستثناء إن وجد يكون من دون مرجح ، وبهذا ستوقِن من وجود محكمة أُعُدّت للإنسان أيضاً يحضر فيها جميع البشر ليتقاسموا حصصهم من العدالة الشاملة لكل عالم الوجود.
كان علماء العقائد في السابق يستدلون بهذا الدليل لإثبات مسألة المعاد ، وكانوا يحتجّون بأمثلة من مظالم البشر التي انتهت في هذه الدنيا من دون تحكيم العدالة فيها ، فالتاريخ يحفل بكثير من الظلمة الذين عاشوا مرفهين طيلة حياتهم حتى غادروا الدنيا ، ومظلومين ظلّوا يعانون الظلم والعذاب حتى لفظوا أنفاسهم الأخيرة.
فهل من الممكن أن يرضى الله العادل بهذه الامور؟ ألا تتنافى هذه المشاهد وعدالته؟
وهكذا يصل العلماء إلى هذه النتيجة بسهولة وهي ضرورة وجود عالم آخر لتطبيق العدالة الإلهيّة في خصوص البشر ، وفي إطار مبدأ الآية القرآنية : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَراً يَرَهُ). (الزلزلة / ٧ ـ ٨)
وبناء على هذا فإنّ القيامة تعتبر الموضع الذي يتجلّى فيه العدل الإلهي ، وهناك يجاب عن جميع هذه الاستفهامات.
* * *