ولتوضيح ذلك يجب الالتفات إلى النقاط الآتية :
اولاً : هل يوجد هناك عالمٌ وواقعٌ خارج وجودنا أم لا؟
بالطبع إنّ وجود العالم الخارجي يُعد من الامور البديهية ، أمّا المثاليون فقد انكروا وجود عالمٍ خارجٍ عن وجودنا وقالوا إنّ كل ما نراه إنّما هو «نحن» و «تصوراتنا» ، ولا يوجد هناك عالم خارجي ، والعالم الخارجي ماهو إلِّاصور خالية من المحتوى تشبه الصور التي نراها في المنام عند الرؤيا فليس وجود العالم الخارجي إلّاكوجود تلك الصور لا غير ، وقد اخطأ هؤلاء في اعتقادهم هذا ، وافضل دليل على ذلك إيمانهم بالواقع أثناء عملهم ، فكل ما يحملونه من نظريات مثالية ينسونها بمجرّد أن يخرجوا من مكتبة أفكارهم ويضعوا اقدامهم في شوارع وأزقّة محيطهم الاجتماعي المعتاد ، ويتعاملون مع كل شيء على أساس الواقعية!.
ثانياً : هل للإنسان علمٌ بالعالم الخارجي أم لا؟
والجواب عن هذا السؤال بالإيجاب أيضاً ، وذلك لأنّنا نمتلك تصوّراتٍ كثيرة عن عالم الخارج ولدينا معلومات جمّة عن الموجودات المحيطة بنا أو عن المناطق النائية.
وهنا نواجه هذا السؤال وهو : هل تحضر الموجودات الخارجية بأعيانها في ذواتنا؟ وبالطبع فإنّ الجواب بالنفي ، فالذي يحضر في ذواتنا صور تلك الموجودات ، ونصل إلى إدراك الحقائق الخارجية بالاستفادة من خصوصية «معادلات كشف الواقع» الموجودة لدى الإنسان.
إنّ معادلات كشف الواقع ، لايمكن أن تكون مجرد خواص فيزياكيميائية بالنسبة للمخ ، وحتى لوكانت هذه الخواص نابعة حقاً من تأثرنا بالعالم الخارجي وناتجة عنه ، إلّاأنّ تأثيرها يشبه تأثير الغذاء على معدة الإنسان ، فهل تتمكن المعدة من الحصول على معلومات عن الغذاء بواسطة ممارستها الأفعال الفيزيائية والكيميائية عليه؟ إذن كيف يتمكن ذهننا من إدراك العالمِ الخارجي؟!
وبتعبير آخر : إنّ العلم بالموجوداتِ الخارجية والعينية لا يحصل إلّابواسطة حلول هذه