اليوم» عين «أنا الأمس» ونفس «أنا قبل عشرين عاماً» ، «فأنا منذ الطفولة حتى اليوم لم أتغير» فأنا كنتُ ذلك الشخص وسأبقى ذلك الشخص حتى نهاية المطاف ، ومن البديهي أنني تعلمت واصبحت مثقفاً وتكاملت وسوف أتكامل لكنني لم أتحول إلى شخص آخر ، لذا فإنّ جميع الناس يعتبرونني شخصاً واحداً من البداية حتى النهاية فأنا لا أحمل إلّااسماً واحداً وهوية شخصية واحدة.
فلنرى الآن ما هذا الموجود الواحد الذي يرافقنا طيلة حياتنا ، فهل هو خلايا جسمنا أم مجموع خلايا المخ وفعالياتها؟ لا شيء من هذا طبعاً ، لأنّ هذه الأشياء تتبدّل عدّة مرات خلال فترة حياتنا ففي كل سبعِ سنين تقريباً تتبدّل جميع خلايا البدن ، لأنّنا نعلم بأنّ الملايين من الخلايا تموت في كل يوم وليلة وتحلّ محلها ملايين اخرى كما هو الحال في البناء الذي يستبدل حجراً بالتدريج ويوضع مكانه حجر جديد ، فهذا البناء سوف يتبدّل كليّاً بعد فترة من الزمن حتى لوكان ذلك التغيير خافياً على الناس أو كالمسبح الكبير الذي يدخله الماء من أحد جهاته بصورة بطيئة ويخرج من الجهة الاخرى بمقدار مايدخل فيه من ماء جديد ، فمن البديهي أن يتبدّل جميع ماء المسبح بعد مدّة من الزمان ، حتى لو غفل الناس عن ذلك التغيير ولم يدركوه.
وبصورة عامة فإنّ كل موجود لا يحافظ على بقائه إلّابواسطة الطعام ويستهلك ذلك الطعام بصورة تدريجية فهو يحتاج إلى «الترميم» و «التبديل».
بناءً على هذا فالإنسان البالغ من العمر سبعين عاماً تكون جميع خلايا جسمه قد تبدّلت مايقارب العشر مرات ، لذا فإننا لو اعتبرنا الإنسان ذلك الجسم والمخ والجهاز العصبي والخواص الفيزياكيميائية فإنّ «أنا» ذلك الشخص البالغ من العمر سبعين عاماً قد تبدلت عشر مرات وأنّني غير ذلك الشخص السابق ، مع أنّ هذا الكلام مرفوض بالوجدان.
ومن هنا يتضح أنّ هناك حقيقة واحدة ثابتة في جميع مراحل حياة الإنسان ، وهذه الحقيقة غير تلك الأجزاء الماديّة وليست متغيرة وهي التي تمثّل أساس وجودنا وتعتبر العامل الرئيسي في إيجاد وحدة الشخصية.