وإدلاء تلك الأعضاء بالشهادة قد يكون بواسطة اعطائها القدرة على النطق أو بلسان الحال ، وذلك لأنّ الاذن والعين واليد والرجل والجلد تُسجِّلُ الأعمال في داخلها وتحتفظ بها وتظهر آثارها في يوم القيامة الذي هو «يوم البروز» (سوف يأتي شرح هذه المطالب ـ باذن الله ـ في بحث أشهاد يوم القيامة).
وتحدثت الآية الرابعة عن الذّين يأتون يوم القيامة وهم يحملون كتاب أعمالهم بيدهم اليمنى (للدلالة على موفقيتهم وطهارتهم وفوزهم) فيدعون الناس في المحشر بكل فخر واعتزاز لمطالعة كتب أعمالهم! وأمّا الذين يحملون كتب أعمالهم بيدهم اليسرى للدلالة على سوء أعمالهم فإنّهم ينادون بأعلى أصواتهم : ليتنا لم نؤت هذه الكتب!
والحديث هنا لم يقتصر على أعضاء البدن المختلفة فحسب بل قد أشير إلى اليد اليسرى واليمنى أيضاً.
وفي الآية الخامسة كان الحديث عن وجوه الصالحين المشرقة ووجوه الطالحين والمذنبين المغبرة المظلمة ، وهذه الامور تدلّ أيضاً على أنّ المعاد يتحقق بإعادة الجسم.
وبالإضافة إلى ماتقدّم من نماذج هناك آيات كثيرة اخرى في القرآن تحدثت عن الأغلال والسلاسل التي تثقل اعنان المذنبين كما جاء في (سورة إبراهيم / ٤٣) و (الإنسان / ٤).
وهناك آيات اخرى تحدثت عن ظواهر تعرض على الجسم كضحك المؤمنين : (فَالْيَومَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الكُفَّارِ يضْحَكُونَ). (المطففين / ٣٤)
كما أشير في بعض الآيات إلى يوم القيامة بأنّه يوم رهيب تشخص فيه الأبصار من شدّة الخوف وتقف الاعناق عن الحركة وتبقى الوجوه مرتفعة نحو الأعلى ولا يرتد طرفهم وتبقى عيونهم مفتوحة من شدّة الخوف والرعب : (انَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَومٍ تَشْخَصُ فِيهِ الابْصَارُ* مُهْطِعِينَ مُقْنِعِى رُؤُسِهِمْ لَايَرتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ). (إبراهيم / ٤٢ ـ ٤٣)
وتحدثت بعضها عن عضّ الظالمين ايديهم حسرةً على مافاتهم : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ). (الفرقان / ٢٧)
وأمثال هذه الآيات.