جسم الإنسان ثم تحلّ فيها الروح.
وقد دعموا هذه النظرية بذكر عدّة روايات والتي منها : ما رواه مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى عن الإمام الصادق حيث سئل عليهالسلام عن الميت يبلى جسده ، قال : «نعم حتى لا يبقى لحم ولا عظم إلّاطينته التي خلق منها فانّها لا تبلى ، تبقى في القبر مستديرة حتى يخلق منها كما خلق أول مرّة» (١).
وجاء في رواية اخرى مرسلة عن الإمام الصادق عليهالسلام أيضاً في قصة ذبح بقرة بني اسرائيل أنّه قال : «فأخذوا قطعةً وهي عَجْبُ الذنوب الذي منهُ خلِقَ ابنُ آدم ، وعليه يُركبُ إذا اريدَ خلقاً جديداً فَضربوه بها» (٢).
الجدير بالذكر أنّ الرواية الثانية ضعيفة السند لأنّها مرسلة ، أمّا الرواية الاولى فهي ضعيفة أيضاً لحصول الاختلاف بين علماء الرجال في «عمرو بن سعيد» بالإضافة إلى أنّ هذه الروايات مخالفة لظاهر القرآن ـ كما سيأتي شرحه ـ ، لذا فلا يمكن التعويل عليها.
ومهما يكن من شيء فإنّ العلوم التجريبية الحديثة أبطلت هذا الرأي من الأساس فهي لا ترى أي فرقٍ بين أجزاء الجسم وترى أنّ جميع أجزاء جسم الإنسان تتحول إلى تراب ومن الممكن أن تحلّ جميعها في أجسام أفرادٍ آخرين.
وقد أثبتت التجارب خلاف ما يعتقده أنصار نظرية الأجزاء الأصلية من أنّ الحلقة الأخيرة من العمود الفقري التي تسمى «عجبُ الذنب» هي الجزء الأصلي من أجزاء البدن وأنّها لا تفنى بمرور الزمان وكثيراً ما شاهدنا تبدّل جميع أجزاء البدن إلى رماد عند نشوب الحرائق كما أننا لم نشاهد أىّ فرق بين أجزاء الرماد المتخلف منها أيضاً.
وحتى لو تجاوزنا ذلك فإنّ النظرية المذكورة لا توافق ظاهر القرآن ، لأنّ القرآن عندما أجاب عن إشكال الأعرابي الذي كان يحمل بيده عظماً رميماً قال : (قَالَ مَنْ يُحْىِ الْعِظَامَ وَهِىَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى انْشأَهَا اوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ). (يس / ٧٨ ـ ٧٩)
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٧ ، ص ٤٣ ، ح ٢١.
(٢) المصدر السابق ، ح ١٩.