الإنسان الثاني سوف يضمر (لا أن يكون ناقصاً) لأنّ أجزاء جسم الإنسان الأول بعد أن تغذّى عليها الإنسان الثاني قد انتشرت في جميع أعضاء بدنه لا أنّها حلت في مكانٍ معينٍ من بدنه (لأنّ الغذاء الذي يتناوله الإنسان يوزّع على جميع أعضاء البدن) ، بناءً على هذا فإنّه من الممكن أن يفقد الإنسان الذي وزنه سبعون كيلو غرام مثلاً نصف وزنه أو أن يفقد جميع مكوناته باستثناء كيلو غرام واحد منها أو حتى أقل من ذلك ولا يبقى منه إلّاجسم صغير بحجم جسمه الذي ولد به أو بحجم جسمه عندما كان جنيناً!.
ومع ذلك فإننا لا نواجه أيّة مشكلة ، وذلك لأنّ الجسم الصغير يحمل في طياته جميع خصوصيات ذلك الجسم الكبير ، فإذا ما نما فسوف يعود عين ذلك الجسم الكبير.
فالمولود في يومه الأول لا يمتلك إلّاجسماً صغيراً وقبل ذلك أي عندما كان جنيناً كان جسمه أصغر من ذلك فنما وكبُر حتى اصبح يحمل صفات الإنسان الكامل من دون أن تتبدّل شخصيته ويتحول إلى شخص آخر.
والسؤال الوحيد الذي ظل من دون اجابة هو : ما هو مصير الأجزاء التي أصبحت جزءً لجسمين أو عدّة أجسام إذا كان أحد صاحبيها مطيعاً والآخر مذنباً؟
والجواب عن هذا السؤال أمرٌ يسيرٌ أيضاً ، لأنّه كما أشرنا سابقاً فإنّ الثواب والعقاب في الحقيقة يتعلقان بالروح ، والدليل على ذلك هو عندما ينقطع الارتباط الموجود بين الروح والجسم بسبب فقدان الوعي بعد ممارسة عملية التخدير فإننا نرى أنّ الروح لا تتأثّر عند استخدام المَشرط الحاد حتى لو قطّع الجسم إرباً.
وبتعبير آخر : إنّ الثواب والعقاب واللذة والألم لا يختصان بالجسم بل ليس الجسم إلّا واسطة لإيصال آثار الثواب والعقاب واللذة والألم إلى روح الإنسان.
بهذا يتضح أنّ المعاد الجسماني ـ طبقاً لظاهر الآيات ـ يتحقق بعين هذا الجسم المؤلف من العناصر المادية ، وحتى لو فرضنا أنّ شبهة الآكل والمأكول ترد على هذا الاستدلال فإنها سوف لن تخدش فيه أيضاً.
ومن الجدير بالذكر أنّ بعض منكري المعاد الجسماني سعوا إلى تغطية حقيقة آرائهم في