أو على تكرار أعمال السوء ، كي تظهر هذه الأعمال بمظهر حسن في نظر الإنسان وتُسْلَبُ منه قوّة التمييز بين الحسن والقبيح.
أمّا إذا اسند التزيين إلى حب الهوى أو إلى الشيطان فذلك لأنّ هذين هما العلّة القريبة والمباشرة في تزيين الأعمال السيئة.
وأمّا لو اسند التزيين إلى الفاعل المجهول فذلك للدلالة على أنّ طبيعة إنكار القيامة أو الاصرار على ارتكاب السيئات ، تقتضي اعتياد الإنسان على تلك الأعمال أولاً ، ثم تصبح تلك الأعمال محبوبة لديه وتلبس ثوب الحسن في نظره.
ومن البديهي أنّ تزيين الأعمال يجّر وراءه الضياع الدائم والحيرة المستمرّة في وادي الضلالة والانحراف ؛ وذلك لأنّ الإنسان لا يكف عن ممارسةِ عمل ما إلّاإذا ما وجده سيئاً وَيُلحق به الأذى.
ويتضح ممّا قلناه أعلاه أنّ من فسّر الآية بأنّ الله يُزيّن أعمال هؤلاء في نظرهم ، فيصيبهم الغرور فيبتلون بالضياع ، أنّ تفسيره غير مناسب ، ومن المحتمل إنّ هؤلاء اتجهوا إلى هذا التفسير بسبب عدم تمكنهم من حل مغزى ما جاء في الآية من نسبة التزيين إلى الله ، ففسروها بهذا التفسير المخالف للظاهر.
* * *
وفي الآية الثانية عشرة والأخيرة من الآيات المعنية بالبحث توجّه تعالى بالخطاب إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : (وَإِذَا قَرَأْتَ القُرَآنَ جَعَلْنْا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَايُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّستُوراً) ، ثم اضاف تعالى : (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِى آذَانِهِمْ وَقْراً).
وهنا أيضاً نواجه مسألة «تعليق الحكم على الوصف» أي أننا نرى أنّ مسألة وجود الحجب المعنوية بين النبي صلىاللهعليهوآله والمشركين وإسدال الحجب على القلوب وانسداد آذانهم تَرَتّبتَ على وصفهم بعدم الإيمان بالآخرة ، وهذا يدل بوضوح على أنّ عدم الإيمان بالمحكمة الكبرى يؤدّي إلى ظهور هذه الحجب والابتعاد عن إدراك الواقع ، ودليل ذلك