القوانين المهيمنة على مراحل ما بعد الموت فإنّهم ينكرون ما عملوا من سوءٍ ويتوسّلون بالكذب ، لكنّهم سرعان ما يتضح لهم أَنّ الكذب لا ينفع هناك!
وهناك احتمالان في هل أنّ المراد من «جهنم» هنا هو جهنم عالم البرزخ أم جهنم يوم القيامة؟ والذّي يتلاءم مع سكرات الموت هو الدخول في جهنم البرزخ ، لكنّ التعبير بالخلود يصلح لأنّ يكون قرينة على أنّ المراد هو جهنّم القيامة ، إلّاإذا قيل : إِنّ المراد هنا هو دخول أبواب جهنّم في عالم البرزخ لا دخول نفس جهنّم ، والخلود هنا هو صفة للكافرين عند دخولهم البرزخ لا عند دخولهم أبواب البرزخ.
وتعبير : (بَلَى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ، يحتمل أن يكون صادراً عن ملائكة الموت لتحذير الكافرين فكأنهم يقولون : لا تسعوا عبثاً في الانكار فإنّه غير نافع لأنّ علم الله الواسع سوف يرفع الستار عن أعمالكم.
وعلى أيّة حال فإنّ هذه الآية تشبه ما جاء في سورة محمد : (فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ). (محمّد / ٢٧)
بلى سوف تستقبلهم الملائكة بالضرب على وجوههم وأدبارهم ، ومن المحتمل أن يكون إقرارهم بالتوحيد والحقّ هو من أجل مشاهدة هذه المشاهد لا من أجل الإخلاص.
وفي قبال هذا المشهد هناك ملائكة الرّحمة التي تأتي لقبض أرواح المؤمنين ، قال تعالى في الآية الثانية : (الَّذِينَ تَتَوفَّاهُمُ المَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
وفي الواقع لا يمكن أن تكون مكافأة الطهارة والتقوى إلّابمثل هذا وهو أن تستقبلهم ملائكة الله بالسلام والترحاب ، وتدعوهم لدخول الجنّة ... تلك الدعوة التي يغمرها اللطف والمحبّة والاحترام!
وهنا أيضاً قد يراد من الجنّة جنّه البرزخ كما يحتمل أن يكون المراد جنّة القيامة وجنّة البرزخ تعتبر من أبوابها.
على أيّة حال فإنّ هذا من أحد أبعاد الموت الذي هو بالنسبة للصالحين يختلف تماماً عمّا هو عليه بالنسبة للمذنبين.