ولكنّ هذه المادة ليست مادة كثيفة ولا تتشكل من العناصر المادية ، بل هو جسم لطيف نوراني لا يحتوي على العناصر المادية المعروفة في هذا العالم المادي.
وقد اشتبه الأمر على البعض هنا ، ومن المحتمل أن تكون هذه الشبهة هي السبب في انكارهم للجسم المثالي ، والشبهة التي وقعوا فيها هي اعتقادهم بأنّ وجود جسمٍ كهذا سوف يؤدّي إلى الاعتقاد بمسألة «التناسخ» ، وذلك لأنّ التناسخ ما هو إلّاعبارة عن انتقال الروح إلى أجسام متعددة.
لكننا إذا سلّمنا بوجود القالب المثالي في باطن هذا الجسم المادي ، فسوف لن نقع في محذور انتقال الروح إلى جسمٍ آخر ، وسوف لن يبقى محلٌّ لمحذور التناسخ.
هذا بالإضافة إلى ما قاله «الشيخ البهائي» إنّ «التناسخ الذي أجمع المسلمون على بطلانه هو عبارة عن انتقال الروح بعد فناء الجسم إلى أجسام اخرى في نفس هذه الدنيا ، وأمّا ما يتعلّق بحلول الأرواح في أجسام مثالية في عالم البرزخ وبقائها حتى انتهاء أمد البرزخ لتنتقل بعد ذلك إلى الأجسام الاولى يوم القيامة ، فإنّه لا يمتٌّ بأيّ صلة لمسألة التناسخ» (١).
ونقل المرحوم «الكليني» في «فروع الكافي» عدّة روايات تحدثت عن الجسم المثالي بكل وضوح ، منها : ما جاء في الصحيح عن الإمام الصادق عليهالسلام عندما سأله أحد أصحابه قائلاً : يرى بعض الناس أنَّ أرواح المؤمنين تُجعل في حوصلة طيور خضر تحيط بالعرش!! فقال عليهالسلام : «لا ، المؤمن أكرمُ على الله من أن يجعل رُوحهُ في حوصلة طير ، ولكن في أبدانِ كأبدانهم» (٢).
وجاء في حديث آخر عنه عليهالسلام أيضاً : «فإذا قبضهُ اللهُ عزوجل صيّر تلك الرّوح في قالبٍ كقالبه في الدنيا» (٣).
وجاء في حديث آخر عن الصادق عليهالسلام : عندما سُئل عن أرواح المؤمنين ، أجاب : «في
__________________
(١) نقل هذا الكلام العلامة المجلسي عن المرحوم الشيخ البهائي في بحار الأنوار ، ج ٦ ، ص ٢٧٧.
(٢) فروع الكافي ، ج ٣ ، ص ٢٤٤ (باب آخر في أرواح المؤمنين) ، ح ١.
(٣) المصدر السابق ، ح ٦.