الجسم المادّية ، ولكن لِشَبَهِ هذا الجسم بالمادة اطلق عليه اسم «الجسم المثالي» أو «القالب المثالي» وقيل : إنّه ليس مجرّداً بتمام الأبعاد وليس مادياً كذلك ، بل له نوع من «التجرد البرزخي». (فتأمل).
ولكن بما أنّ إدراك حقيقة حياة عالم الآخرة غير ممكن بالنسبة لنا نحن اسارى عالم المادة ، فالاطلاع الكامل على عالم البرزخ لا يكون ممكناً أيضاً ، وذلك لأنّ عالم البرزخ هو أعلى مرتبة من هذا العالم ، وبتعبير آخر : إنّ عالم البرزخ عالمٌ محيط بهذا العالم لا محاط.
ولكن ـ على حدّ قول بعض العلماء ـ : يمكننا تشبيهه بعالم الرؤيا ، فالروح الإنسانية في الأحلام الصادقة تتجوّل في نقاط مختلفة ، بواسطة القالب المثالي وتشاهد المناظر وتتلذذ بالنعم ، كما أنّها أحياناً تشاهد المشاهد المرعبة فتتضجّر بشدّة ، وتصرخ وتصحو من نومها.
وتؤكّد صحّة هذه الحقيقة قوله تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتى لَمْ تَمُتْ في مَنَامِهَا). (الزمر / ٤٢)
قال المرحوم العلامة المجلسي في بحار الأنوار : «إنّ تشبيه عالم البرزخ بحالة النوم والرؤيا كثيراً ما ورد في الإخبار.
ثم يضيف : كما يحتمل أن يكون للنفوس القوية العالية اجسامٌ مثاليةٌ متعددة ، لذا فإنّ ما ورد من الروايات على أنّ الأئمة يحضرون عند كلّ من يحتضر من الناس ، سوف لا يحتاج إلى التأويل والتكلّف في تفسيرها». (فتأمّل) (١).
كما أنّ البعض يعتقد بأنّ القالب المثالي موجود في جسم كلّ إنسان ، لكنّه ينفصل عن الجسم بعد الموت ويبدأ حياته في البرزخ ، فالروح في عملية التنويم المغناطيسي تتجوّل وتذهب إلى مناطق مختلفة ، وتمارس كثيراً من الفعاليات ، والأكثر من ذلك أنّ بعض الأرواح القوية تتمكن من السفر إلى مناطق بعيدة في عالم اليقظة أيضاً فتطّلع على أسرار تلك المناطق ، وهذه الفعاليات تنجز بواسطة القالب المثالي أيضاً.
وقصارى القول هو أنّ الجسم المثالي يشابه هذا الجسم المادي ـ كما هو ظاهر من اسمه
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٦ ، ص ٢٧١.