الآخر اسم «منكر» و «نكير» (١).
روي عن الإمام علي بن الحسين عليهالسلام أنّه كان يعظ الناس في كلّ جمعة في مسجد الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله بهذه الموعظة : «أيٌّها الناسُ اتقوا الله واعلموا أنّكم إليه ترجعون ...» ، حتّى حفظ الناس ذلك ودوّنوه.
ثم يشير في قسم آخر من كلماته الشريفة والنافذة إلى الأعماق ، إلى حضور الملكين (منكر ونكير) للسؤال في القبور فيقول عليهالسلام : «أَلا وأنّ أوَّل ما يسألانك عن ربّك الذّي كنت تعبُدهُ وعن نبيّك الذّي ارسل اليك وعن دينك الذي كنت تُدينُ به وعن كتابك الذي كُنت تتلوه وعن إمامك الذي كنت تتولّاه ، ثم عن عُمرك فيما أفنيته ومالك من اين اكتسبته وفيما أتلفته ، فخُذ حذرك وانظُرْ لنفسك واعِدَّ للجواب قبل الامتحان والمساءلة والاختبار ، فإن تكُ مؤمناً تقياً عارفاً بدينك متبعاً للصادقين ، موالياً لأولياء الله لقاك الله حُجّتك وانطق لسانك بالصواب فأحسنت الجواب فبُشِّرتَ بالجنّة والرضوان من الله ، والخيرات الحسان ، واستقبلتك الملائكة بالرَّوح والرَّيحان ، وإن لمْ تكُن كذلك تلَجْلَجَ لسانُك ودحضَتْ حُجّتك ، وعميت عن الجواب ، وبُشِّرتَ بالنار واستقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حميم وتصلية جحيم» (٢)! ...
وهنا يطرح هذا السؤال وهو : هل يتوجّه السؤال هناك إلى الروح التي هي في القالب المثالي والبرزخي أم إلى نفس الجسم المادّي على نحوٍ تعود الروح إلى الجسم المادي بصورة مؤقتة (ومن البديهي أننا لا نقصد عودة الروح بصورة تامة ، بل على قدر ما يمكنه من الاجابة) فتوجّه إليه الأسئلة؟ وَما يستفاد من مضمون بعض الروايات هو ، أنّ الروح ترتبط وتتعلق بنفس هذا الجسم المادّي بنوعٍ من التعلّق على قدر ما يتمكن الميت من فهم الاسئلة ، والإجابة عليها (٣).
__________________
(١) ورد ذكر الاسم الأول في كتاب اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٦٣٣ ، ح ٢٦ (باب النوادر) والاسم الثاني في كتاب بحار الأنوار ، ج ٦ ، ص ٢٢٢ و ٢٢٣ ح ٢٢ و ٢٤.
(٢) بحار الأنوار ، ج ٦ ، ص ٢٢٣ ، ح ٢٤. وهناك روايات عديدة في هذا المجال فإن أردت كسب معلومات أكثر عليك بمراجعة نفس الجزء من بحار الأنوار وكذلك مراجعة تفسير البرهان ، ج ٢ ، من ص ٣١٢ ، فما فوق (في تفسير ذيل الآية ٢٧ من سورة إبراهيم) والمحجّه البيضاء ، ج ٨ ، ص ٣٠٩ فما فوق.
(٣) تفسير البرهان ، ج ٢ ، ص ٣١٤ ، ح ٩ ، في ذيل الآية ٢٧ من سورة إبراهيم.