هي مزرعة ومكسب ومدرسة وهي ساحة إعداد ، أو بتعبير آخر هي بمنزلة «عالم الجنين» بالنسبة لعالم الآخرة.
والآخرة هي منبع الأنوار الإلهيّة ومحكمة الحق الكبرى ، ومحل حساب الأعمال ومنزل القرب والرحمة الإلهيّة.
ويبقى هنا سؤال يجب الإجابة عنه وهو : ما هي الغاية من وجود «البرزخ»؟
وللإجابة عن هذا السؤال يمكن أن يقال : إنّ الغاية من توسط البرزخ بين الدنيا والآخرة ، هي نفس الغاية المتوخاة من كل مرحلة متوسطة اخرى ، وذلك لأنّ الانتقال من محيطٍ إلى محيطٍ آخر يختلفان تمام الاختلاف مع بعضهما ، وسوف لن يَتَحَمّل إلّابوجود مرحلة متوسطة تحمل بعض خصوصيات المرحلة الاولى ، مع بعض خصوصيات المرحلة الثانية معاً.
هذا بالإضافة إلى أنّ يوم القيامة بالنسبة لجميع البشر يتحقق في يوم واحد ، وذلك لوجوب تبدّل الأرض والسماء لإيجاد عالم جديد ، وحياة جديدة للبشر في ذلك العالم الجديد ، لذا فإنّه لا يوجد أيّ سبيل آخر لتحقق ذلك إلّابتوسط البرزخ بين الدنيا والآخرة ، وانتقال الأرواح بعد انفصالها من الجسم المادي إلى البرزخ لتبقى هناك حتّى انتهاء الدنيا ، وبعد انتهاء الدنيا وقيام القيامة يحشر الجميع معاً ، وذلك لعدم إمكان تخصيص قيامة مستقلّة لكل إنسان ، وذلك لأنّ القيامة لا تتحقق إلّابعد فناء الدنيا وتبدّل الأرض بغير الأرض والسماء بغير السماء.
بالإضافة إلى ذلك فقد دلّت بعض الروايات على إصلاح بعض النواقص العلمية والتربوية للمؤمنين في البرزخ ، وعلى الرغم من أنّ البرزخ لم يُعدّ لعمل الصالحات ، لكن ما المانع من أن يكون هناك مَوضعٌ لا رتقاء المعرفة والعلم؟
جاء في الحديث عن الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام : «مَن ماتَ من أوليائنا وشيعتنا ولم يُحسن القَرآن عُلِّم في قبره ليرفع الله به من درجته ، فإنّ درجات الجنّة على قدر آيات القرآن ، يقال له اقرأ وارق ، فيقرأ ثمَّ يرقى» (١).
__________________
(١) اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ١٠٦ ، باب فضل حامل القرآن ، ح ١٠.