١٣ ـ بصيرة فى البصيرة
وهى قوّة القلب المدركة. ويقال لها : بصر أيضا : قال الله ـ تعالى ـ : (ما زاغَ (١) الْبَصَرُ وَما طَغى) وجمع البصر أبصار ، وجمع البصيرة بصائر. ولا يكاد يقال للجارحة الناظرة بصيرة ؛ إنما هى بصر ؛ نحو (كَلَمْحٍ (٢) بِالْبَصَرِ) ويقال للقوّة الّتى فيها أيضا : بصر. ويقال منه : أبصرت ، (٣) ومن الأوّل : أبصرته ، وبصرت به. وقلّما يقال (٤) فى الحاسّة إذا لم تضامّه رؤية القلب : بصرت. ومنه (أَدْعُوا إِلَى (٥) اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ) أى على معرفة وتحقّق. وقوله : (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ (٦) بَصِيرَةٌ) أى عليه من جوارحه بصيرة ، فتبصّره وتشهد عليه يوم القيامة. وقال الأخفش (٧) : جعله فى نفسه بصيرة ؛ كما يقال : فلان جود وكرم. فههنا أيضا كذلك ؛ لأنّ الإنسان ببديهة عقله يعلم أن ما يقرّبه إلى الله هو السّعادة ، وما يبعده عن طاعته الشقاوة.
__________________
(١) الآية ١٧ سورة النجم.
(٢) الآية ٥٠ سورة القمر.
(٣) كذا وهو منقول عن الراغب. والظاهر أن الأصل : «بصرت» بضم الصاد أى صرت ذا بصر للجارحة أو للقوة فيها. وهو لا يتعدى. وأما الثانى فالمراد به الادراك وهو يتعدى بنفسه أو بالباء.
(٤) ا : «يقال به» وما هنا يوافق ما فى ب والراغب.
(٥) الآية ١٠٨ سورة يوسف.
(٦) الآية ١٤ سورة القيامة.
(٧) ا : «الأحسن» وب : «الحسن» وكتب فى الهامش : «الأحسن كذا فى». ونقل صاحب التاج عن البصائر (الحسن) والأقرب الى رسم (الأحسن) هو (الأخفش) ونسخة (الحسن) سقط فيها (أبو) فأصلها (أبو الحسن) وهو الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة. فى التاج «وقال الأخفش : بل الانسان على نفسه بصيرة جعله هو البصيرة ، كما تقول للرجل أنت حجة على نفسك» وترى أن الرأيين فى معنى واحد الا فى التنظير والتمثيل ، وقد يكونان من الأخفش ، وقد يكون أحدهما ممن نقل كلام الأخفش فزاد.