١٨ ـ بصيرة فى التفويض
يقال : فوّض إليه أمره أى ردّه إليه. وأصله من قولهم : أمرهم فوضى بينهم وفوضوضى وفوضوضاء إذا كانوا مختلطين يتصرّف كلّ منهم فى (مال (١) الآخر). وقوم فوضى : متساوون لا رئيس لهم ، أو متفرّقون أو مختلط بعضهم ببعض. ومنه شركة المفاوضة وشركة التفاوض ، وهو الاشتراك فى كلّ شىء.
واختلف فى التفويض والتّوكّل أيّهما أعلى وأرفع. فقال الشيخ أبو عبد الله الأنصارى : التفويض ألطف إشارة وأوسع معنى ؛ فإنّ التّوكّل بعد وقوع السّبب ، والتّفويض قبل وقوعه وبعده. وهو من الاستسلام ، والتوكّل شعبة منه يعنى أنّ المفوّض بين أمر الحول والقوّة ، ويفوّض الأمر إلى صاحبه من غير أن يقيمه مقام نفسه فى مصالحه ، بخلاف التوكّل فإنّ الوكالة تقتضى أن يقوم [الوكيل] مقام الموكّل ، والتفويض براءة وخروج من الحول والقوة وتسليم الأمر كلّه إلى مالكه. وقال غيره : كذلك التوكل أيضا ، و [ما] قدحتم (٢) به فى التوكّل يرد عليكم نظيره فى التّفويض سواء ، فإنّا نقول : كيف يفوّض شيئا لا يملكه البتّة إلى مالكه وهل يصحّ أن يفوّض واحد من آحاد الرّعيّة الملك إلى ملك زمانه. فالعلّة إذا فى التّفويض أعظم منها فى التوكّل. بل لو قال : قائل : التّوكّل فوق التفويض وأجلّ
__________________
(١) عبارة القاموس : «فيما للآخر»
(٢) ا ، ب : «قد ختم».