تقتضى فى كلّ ما نظر إليه الإنسان أنّه موجود ؛ كما قال ـ تعالى ـ : (وَهُوَ الَّذِي (١) فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ). ولذلك قال بعض الحكماء : مثل طالب معرفته مثل من طوّف الآفاق فى طلب ما هو معه. والباطن إشارة إلى معرفته الحقيقية. وهى الّتى أشار إليها أبو بكر الصّدّيق ـ رضى الله تعالى عنه ـ بقوله : يا من غاية معرفته ، القصور عن معرفته. وقيل : ظاهر بآياته ، باطن بذاته ، وقيل : ظاهر بأنّه محيط بالأشياء ، مدرك لها ، باطن من (٢) أن يحاط به ؛ كما قال : (لا تُدْرِكُهُ (٣) الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ). وقد روى عن أمير المؤمنين علىّ ـ رضى الله عنه ـ ما دلّ على تفسير اللفظتين ، حيث قال : تجلّى لعباده من غير أن رأوه ، وأراهم نفسه من غير أن تجلّى لهم. ومعرفة ذلك تحتاج إلى فهم ثاقب ، وعقل وافر. وقوله تعالى : (وَأَسْبَغَ (٤) عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) قيل : الظاهرة بالنبوّة ، والباطنة بالعقل. وقيل (٥) : الظّاهرة : المحسوسات ، والباطنة : المعقولات. وقيل : الظاهرة : النّصرة على الأعداء بالنّاس ، والباطنة : النصرة بالملائكة. وكلّ ذلك يدخل فى عموم الآية. والله أعلم.
__________________
(١) الآية ٨٤ سورة الزخرف
(٢) ا ، ب : «فى» وما أثبت عن الراغب
(٣) الآية ١٠٣ سورة الأنعام
(٤) الآية ٢٠ سورة لقمان
(٥) فى ا ، ب بعده : «على الأعداء بالناس» ولا مكان لها هنا. وما أثبت وفق ما فى الراغب