عنه ـ كان (١) حاله مع النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كحال رجلين دخلا دارا ، فرأى أحدهما تفاصيل ما فيها ، وجزئيّاتها ، والآخر وقع بصره على ما فى الدّار ، ولم ير تفاصيله ولا جزئيّاته ؛ لكنه علم أنّ فيها أمورا عظيمة ، لم يدرك بصره تفاصيلها ، ثم خرجا ، فسأله عمّا رأى فى الدّار ، فجعل كلّما أخبره بشيء صدّقه ، لما عنده من شواهده. وهذه أعلى درجات الصّدّيقيّة. ولا يستبعد أن يمنّ الله تعالى على عبد بمثل هذا الإيمان ؛ لأنّ فضل الله لا يدخل تحت حصر (٢) ولا حسبان. فصاحب هذا القلب إذا سمع الآيات ، وفى قلبه نور من البصيرة ازداد (٣) بها نورا إلى نوره. فإن لم يكن للعبد مثل هذا القلب فألقى السّمع ، وشهد قلبه ، ولم يغب ، حصل له التّذكّر أيضا (فَإِنْ (٤) لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ) والوابل والطّلّ فى جميع الأعمال ، وآثارها ، وموجباتها. وأهل الحبّ سابقون ومقرّبون ، وأصحاب يمين ، وبينهما من درجات التفضيل ما بينهما ، والله أعلم.
__________________
(١) ا ، ب : «فان»
(٢) ا ، ب : «حصن»
(٣) ا ، ب : «أراد»
(٤) الآية ٢٦٥ سورة البقرة. أى ان لم تنل الكثير فانها تنال اليسير على المثل