وهو خلاف ما روى أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يباهي بأمته الأمم يوم القيامة الدالة على كثرتهم ، فلا بد أن يراد بتلك الأحاديث قليل من الصحابة ، وهم أهل الردّة ، كما اتفق عليه العلماء .
ويرد عليه أن الكلام تارة في المراد بأحاديث الحوض ومفادها وأُخرى في معارضتها بما روي أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يباهي بأمته الأمم .
أمّا الأول : فلا إشكال بظهور تلك الأحاديث بأبي بكر وأتباعه دون أهل الردّة ؛ لقرائن :
منها : دلالةُ بعض تلك الأحاديث على ارتداد عامة الصحابة إلا مثل همل النعم ، كما سيذكره المصنف رحمهالله .
ومنها : تعبير بعضها بأنهم ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم ، أو مازالوا يرجعون على أعقابهم ، كما في حديثي مسلم في كتاب «الفضائل» (١) .
أو بأنّهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ، كما في حديث مسلم «في كتاب الجنّة وصفة نعيمها» (٢) .
وحديث البخاري في «كتاب بدء الخلق» (٣) .
فإنّ هذا النحو من الكلام ظاهر في الاستمرار وطول مدة الارتداد ، لا يناسب إرادة مانعي الزكاة أيّاماً وأشباههم ، ولا سيّما أنّهم رجعوا إلى الإسلام بإقرار الخصوم.
__________________
(١) في باب إثبات حوض نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم منه قدسسره .صحيح مسلم ٧ / ٦٥ ــ ٦٦ .
(٢) في باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة ص ٣٥٠ ج ٢ . منه قدسسره .الاولى صحیح مسلم ٨ / ١٥٧.
(٣) في باب قول الله تعالى : ( وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ) وباب ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ ) الآية . منه قدسسره . صحيح البخاري ٤ / ٢٧٧ ح١٥١.