وقال الفضل (١) :
ما ذكر من قول الأنصار : إن الرجل أدركته رغبة في قومه ، فهذا كان من غاية شدّتهم في الدين ، وكانوا يحبّون أن يقتلوا الكفرة المتمردين ، وأيضاً كانوا يخافون من أن يرغب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الإقامة بمكة ، ويترك المدينة ، ولهذا دعاهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقال لهم : المحيا محياكم والممات مماتكم .
ثمّ إنّ الكريم من تُعدّ هفواته.
وأما ما ذكر من حديث عائشه فإنّه يدلّ على أن هذا الرجل أعجمي ، لا يعرف عرف كلام العرب أصلاً ، فإنّ المراد من خطاب عائشة في الحديث : وأن قومها حديثو عهد بكفر : ليس بني تيم ، بل المراد : قريش كلهم .
ومن عادة المتكلم أن ينسب القوم إلى المخاطب ، إذا كانوا من قومه . والرجل حسب أنّ المراد بني تيم وجعله من المطاعن ، وهذا باطل صريح يفهمه كلّ من يعرف العرف ، وإنّما كف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن تغيير بناء الكعبة ؛ لحداثة عهد قريش ، بالإسلام ، وكان مظنة الارتداد ، كما ألف قلوبهم بنفل الغنائم ، والغرض أنّه لم يرد به قوم عائشة ؛ وهم بنو تيم ، فإنّهم لم يكونوا ذلك اليوم من الأعيان في قريش ، ولم يُرِدْ به أبا بكر وطلحة ، كما لا يخفى .
__________________
(١) إبطال نهج الباطل المطبوع ضمن إحقاق الحق : ٦٢٠ ( حجري ) .