وقال الفضل (١) :
كانت واقعة بدر من غير عزم من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على القتال . وخرج ليتلقى عِيرَ أبي سفيان ، فلما علم قريش بخروجه خرجوا عازمين على القتال ، وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم بايع الأنصار وبايعوه على أن يحموه في المدينة ، ويدفعوا عنه بما يدفعون به عن عيالهم ، ولم يبايعوا على أن يقاتلوا معه في أي وقت كان .
فلما خرج قريش ، وسمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بخبرهم ، أراد أن ينظر أن الأنصار يوافقونه إن قاتل أو لا يوافقونه ؛ لأنّهم لم يبايعوا على الخروج معه إلى العدوّ ، فاستشار الأصحاب ، وقال : أيها الناس ! ما الرأي ؟
فقال أبو بكر : الرأي الخروج إليهم والمقاتلة معهم ، فأعرض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم .
وكذا عمر قال : الرأي الخروج ، فأعرض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم .
وَسِرُّ الإعراض أنّه يريد الأنصار يتكلمون في هذا الأمر ، فإنّه كان من المعلوم أن أبابكر وعمر يوافقانه في القتال ، والغرض استفسار حال الأنصار ليعلم ما عندهم من الرأي .
ولهذا لما تكلّم مقداد بن الأسود بالكلام الدال على الموافقة ، أعرض وقال : يا أيها الناس ! ما الرأي ؟
فقام إليه سعد بن معاذ وقال : كأنك تريدنا يا رسول الله ؟
__________________
(١) إبطال نهج الباطل المطبوع ضمن إحقاق الحق : ٦٤٧ ( حجري ) .