وأقول :
من المضحك مغالطة الفضل في المقام ؛ فإنَّ المصنف رحمهالله لم يرد أنّ الآية نزلت في معاوية خصوصاً أُميّة عموماً ، حتى يقول الفضل : لم يذكر أحد من العلماء النزول في معاوية ، بل أراد أنها نزلت في بني أُمية ، ومنهم معاوية .
ويدل على نزولها فيهم ؛ ما سبق في «كتاب المعتضد» ؛ من أنّه لا خلاف في إرادتهم من الآية (١) .
وما في «الدرّ المنثور» عن ابن أبي حاتم ، عن يعلى بن مرّة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أريت بني أُمية على منابر الأرض ، وسيتملكونها فتجدونهم أرباب سوء » .
واهتم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لذلك ، فأنزل الله : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ ) (٢) .
وفيه ــ أيضاً ــ عن ابن مردويه ، عن الحسين بن علي عليهما السلام : «أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أصبح وهو مهموم ، فقيل : مالك يا رسول الله ؟ قال : إني أُريت في المنام كأن بني أُمية يتعاورون (٣) منبري هذا ، فقيل : يا رسول الله ! لا تهتم فإنّها دنيا تنالهم ، فأنزل الله تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي
__________________
(١) راجع الصفحة : ٥٤ من هذا الجزء
(٢) الدر المنثور ٥ / ٣٠٩.
(٣) يتعاورون على منبري : أي يختلفون ويتناوبون كلّما مضى واحد خَلَفَه آخر .
انظر : لسان العرب ٩ / ٤٧١ مادة «عور» .