وأقول :
إثبات ذلك الشأن والمقام لعمر عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنما هو من سوء فهم أوليائه ، استنتجوه من سوء أدبه مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لعدم معرفته ومعرفتهم بمقام صفوة الله من عباده .
وأمّا من عرفه الله تعالى منزلته وعلو شأنه بقوله : ( لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) (١) ، حيث ساوى سبحانه بين نفسه ورسوله في عن التقدم بين يديهما ، وبقوله تعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ... ) (٢) إلى غيرهما من الآيات الكريمة .
فلا يرى ذلك إلا معارضة للحق بالباطل ، وسوء أدب ومعرفة ، إذ ليس الحديث متعلقاً بالمشاورة حتى يقول الخصم : « وهذا شأن الوزراء في المشاورات » .
وأما ما زعمه من تضمّن جواب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لتصديق عمر ، ففيه : إنّه بتكذيبه أليق ؛ لأن فعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم التابع للمصلحة يستدعي كذب عمر في دعوى الأحقية لغير هؤلاء في المقام ، على أن مازعمه موقوف على رجوع الضمير في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّهم خيروني » إلى من قسم النبی صلىاللهعليهوآلهوسلم فيهم القسم ، وهو خلاف الصواب ؛ فإنّه راجع إلى من لم يرض بعمل النبي كعمر بدليل رواية أحمد في مسنده للحديث بلفظ
__________________
(١) سورة الحجرات ٤٩ : ١.
(٢) سورة الحشر ٥٩ : ٧ .