قال المصنّف ــ رحمة الله عليه ــ (١) :
وكذلك في قصة خيبر ، فإنّهم رووا في صحيح أخبارهم : أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أعطى أبا بكر الراية فرجع منهزماً ، ثمّ أعطاها لعمر فرجع منهزماً ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم « لأعطين الراية غداً رجلاً يحبّه الله ورسوله ، ويحبّ الله ورسوله ، كرار غیر فرار » (٢) .
ثمّ أعطاها لعلي عليهالسلام ، وقصد بذلك إظهار فضله ، وحط منزلة الآخرين ، لأنّه قد ثبت بنص القرآن العظيم أنّه : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) (٣) .
فوجب أن يكون دفع الراية إليهما بقول الله تعالى ، ولا شك في أنه تعالى عالم بالأشياء في الأزل ، فيكون عالماً بهرب هذين ، فلولا إرادة إظهار فضل عليّ ، لكان في ابتداء الأمر أوحى بتسليم الراية إليه ، ثم إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وصفه بما وصفه ، وهو يشعر باختصاصه بتلك الأوصاف ، وكيف لا يكون ومحبة الله تعالى تدلّ على إرادة لقائه ؟! وأمير المؤمنين عليهالسلام لم يفرّقاصداً بذلك لقاء ربه تعالى ، فيكون محباً له تعالى .
***
__________________
(١) نهج الحق : ٣٢٥ .
(٢) أنظر ٦ / ٧٥ من هذا الكتاب .
(٣) سورة النجم ٥٣ : ٢ و ٣.