وأقول :
نحن لا ندعي أن مجادلتهم كانت بلا سبب ، بل نقول : إن حميتهم الجاهلية لم تبطل ولم يحصل لهم الكمال المطلوب ، والطاعة الحقيقية الرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإن تألّفوا به وأطاعوه فيما لا ينافي مقاصدهم ، ولذا جرى منهم هذا الأمر الشنيع ، وصغروا عظيم مقامه.
وأعظم منه منه في هتك حرمته ، ما رواه البخاري في أوّل كتاب الصلح أنس ، قال : «قيل للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : لو أتيت عبدالله بن أبي ، فانطلق إليه النبی صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وركب حماراً ، فانطلق المسلمون يمشون معه ، فلما أتاه النبی صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إليك عني ، والله لقد آذاني نَتْنُ حمارك .
فقال رجل من الأنصار : والله ، لحمار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أطيب ريحاً منك ، فغضب لعبد الله رجل من قومه فشتمه ، فغضب لكلّ واحد منهما أصحابه ، فكان بينهما ضرب بالجريد والأيدي والنعال ، فبلغنا أنّها نزلت : ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) (١) (٢) .
ورواه مسلم في كتاب الجهاد (٣) .
فأنت ترى طائفة من المسلمين قد انتصروا لابن أبي ــ و ــ وهو كافر قد أساء الأدب مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على طائفة أخرى من المسلمين غضبوا
__________________
(١) سورة الحجرات ٤٩ : ٩.
(٢) صحيح البخاري ٤ / ١٩ ح ٢.
(٣) في باب دعاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الله وصبره على أذى المنافقين . منه قدسسره .مسلم ٥ / ١٨٣.