وأقول :
نعم ، قال الأشاعرة : إن الله سبحانه لا يفعل القبيح (١) ، لكن من حيث إنه لا يقبح منه شيء ، فهو ــ سبحانه ــ موجد عندهم للقبائح : من الكفر والفساد ، والزنا ، واللواط والسرقة ، ونحوها ، ولكن لا تكون قبيحةً منه ، وهو غير معقول (٢) .
وأما ما زعمه من أنّهم يقولون : بامتناع الكذب عليه للزوم النقص في صفاته.
ففيه : إنّه لو تمّ فإنّما يتم في إثبات امتناع الكذب في كلامه النفسي الذي يقولون به ؛ لأنّه من الصفات (٣) .
وأما بالنسبة إلى كلامه اللفظي الذي يخلقه في شجرة أو على ألسنة رسله من الملائكة والأنبياء فلا يوجب هذا الدليل امتناع الكذب فيه ؛ لأنّه من الأفعال لا من الصفات (٤) .
والمدار في إثبات المعاد الجسماني على لزوم صدق هذا الكلام اللفظي ؛ لأن الإخبار عن المعاد إنما وقع بهذا الكلام.
وقد تقدّم تمام الكلام في الجزء الأول من هذا الكتاب ، فراجع (٥) .
__________________
(١) المواقف : ٣٢٨ ، شرح المواقف ٨ / ١٩٥.
(٢) راجع : ٣ / ٦ من هذا الكتاب
(٣) أنظر : الاقتصاد في الاعتقاد ــ للغزالي ــ : ٧٣ ــ ٧٥ ، شرح العقائد النسفية : ١٠٨ ــ ١٠٩.
(٤) شرح المقاصد ٤ / ١٤٤ ، شرح المواقف ٨ / ٩٣ ــ ٩٠ .
(٥) راجع : ٢ / ٢٦١ ــ ٢٦٥ .