وأقول :
إنّما ذكر المصنف رحمهالله هذا الحديث ؛ أوّلاً لبيان فضل علي عليهالسلام وإمامته ؛ وذكره ثانياً للطعن في أبي بكر ، وذكره هنا للطعن فيمن قدموه ، مع علمهم بعدم صلوحه للقيام مقام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذا الأمر الخاص السهل ، فكيف يصلح للقيام مقامه بالزعامة العامة العظمى ؟ !
وأما ما زعمه من تواتر حجّ أبي بكر في الناس ، فظاهر الكذب ، لما استفاض في أخبارهم ــ فضلاً عن أخبارنا ــ من رجوع أبي بكر عند وصول على إليه ، وإشفاقه من نزول شيء فيه .
وقد ذكر المصنف رحمهالله هنا بعضها ، ومرّ كثير منها في الحديث السادس الدال على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام (١) ، فإنّ رجوعه وإشفاقه دليل على عزله بالكلية ، ولو بقي أميراً للحاج ، لما كان وجه لإشفاقه ؛ لأن علياً عليهالسلام ــ بزعمهم ــ تحت إمرته ، ولم يبعث معه إلا لنبذ العهد الذي تقضي به به عادة العرب .
وأمّا نداؤه لمعشر المسلمين ، فها نحن أولاء معشر الشيعة ــ ونحن أفضلهم ــ نجيبه : بأنّ إرادة النبي لمتابعة أبي بكر لعلي عليهالسلام كما عبر به المصنف رحمهالله أو مبايعته له كما عبّر به الخصم ، مستفادة من عزله بعلي بما هو من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبعضه بوحي من الله أنه لا يؤدّي عنه إلا هو أو رجل منه ، فإنّه إذا كان هذا الأمر اليسير من خواص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن هو بمنزلة
__________________
(١) راجع ٦ / ٥٧ من هذا الكتاب