وقال الفضل (١) :
قد ذكرنا فيما سبق أن الغضب قد يكون في حقوق الله تعالى ، وهذا الغضب يتبعه غضب الله تعالى ، وقد يكون في الحقوق المتعلقة بالشخص وهذا لا يوجب غضب الله ، إلا أن يكون المغضب مبطلاً ظالماً في حقّ الغاضب.
وغضب فاطمة على أبي بكر في بحث شرعي عمل فيه أبو بكر بمقتضى علمه في الحكم الشرعي ، فغضبت عليه فاطمة فهذا لا يوج ــ غضب الله تعالى ، إلا أن يكون أبو بكر في حكمه ظالماً مبطلاً ، ولم يثبت هذا .
فإن قيل : هذا عام في حق الأُمّة ، فإنّ كل من غضب الله فالله يغضب لغضبه ، فما فائدة تخصيصه بفاطمة ؟ وأيّ منقبة لفاطمة تكون على هذا التقدير ؟
قلنا : فيه منقبة عظيمة لفاطمة ، وهي أنّها لم تغضب لنفسها ، بل إنّما تغضب لحقوق الله تعالى ، فالله دائماً يغضب لغضبها ، وكذا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يغضب لغضبها ، ولكن الغضب غضبان ، غضب يحصل من المخالفة لله ، وهو قهراً ينجرّ إلى المعاداة ، وغضب يحصل من عدم مراقبة المغضوب عليه حقّ الغاضب ، وعدم مراعاة خاطره ، وهذا في الحقيقة ليس بغضب ، بل هو تغيير خاطر وتألّم للقلب ولهذا يتبعه الهجرة ، وكثيراً ما كان
__________________
(١) إبطال نهج الباطل المطبوع ضمن إحقاق الحق : ٦٨٤ ( حجري ) .