وأقول :
روى البخاري هذ الحديث في كتاب المغازي (١) وكتاب الأحكام (٢) . ولا مساغ فيه لحمل خالد على الاجتهاد ، ضرورة أن المطلوب حقيقة الإسلام بلا دخل لخصوصية اللفظ.
فلو أسلم شخص باللغة الهندية أو غيرها لصح إسلامه ، كإسلام الأخرس بالإشارة .
ولذا امتنع ابن عمر وأصحابه من قتل أسراهم ، وبرأ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من فعله ، ولو كان فعله عن اجتهاد ، لكان معذوراً فيه ، بل مثاباً عليه ، وإن كان مخطئاً ، فلا يجوز تهجين أمره ، والبراءة من فعله.
ولو سلّم أن المورد محل اجتهاد ، فما على خالد لو احتاط في دمائهم المخالفة ابن عمر وصحبه ، إلى يرجع إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو يراجعه ؟ ! ولكن كيف يؤخّر قتلهم وهو يطلبهم بإحنة الجاهلية ، وما قتلهم إلا لأجلها ، فإن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إنما أرسله إليهم داعياً لا مقاتلاً .
روى الطبري في تأريخه في حوادث سنة ثمان من الهجرة (٣) : «أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ــ بعث ــ حين افتتح مكة ــ خالد بن الوليد داعياً ، ولم يبعثه مقاتلاً ، ومعه قبائل من العرب ، فلما نزلوا على الغميصاء ــ وهي ماء من
__________________
(١) في باب بعث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة . منه قدسسره .
(٢) في باب إذا قضى الحاكم بجور أو خلاف أهل العلم فهو رد . منه قدسسره ، وراجع الصفحة ١٧٧ من هذا الجزء .
(٣) ص : ١٢٣ ج ٣ . منه قدسسره .