وأقول :
يقال : أنذره بالأمر ؛ أي أعلمه ، وحذره ، كما في القاموس وغيره (١) ، فلا يختص الإنذار بتبليغ أصول الشرائع ، بل يعمّ الإعلام بوجوب الصلاة ــ مثلاً ــ والتحذير من العقاب بتركها ، قال تعالى : ( فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (٢) .
ثم لا ريب بأنه كما يطلب من الأنبياء الإنذار بالأصول ، يطلب منهم الإنذار بالفروع ؛ لإنّهم بعثوابالأمرين ، ولا بد من إنذار كل فرد من الأمة بما يبتلى به من الفروع ، وإلا لزم الإخلال بالإرشاد .
وحينئذ فيكون تخصيص الأقربين بقوله تعالى : ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) (٣) ؛ لأنّهم في أوّل الأمر أولى من ينبغي أن يسمع منه ، أو لمزيد العناية بهم ، أو لغيرهما من المصالح .
فعلى ذلك لا يمكن أن يخفي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أهل بيته حكم ميراثهم ، وهو محل ابتلائهم بالخصوص .
فإن قلت : رُبِّ حكم يكون محلّ الابتلاء به هو الإمام والحكام ؛ كأحكام القضاء والحدود ، فلا يجب على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يعلم بها غير خليفته ومن ينصبه للقضاء ، ومنها حكم ميراث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولذا أعلم به
__________________
(١) القاموس المحيط ٢ / ١٤٥ مادة «النذر » ، لسان العرب ١٤ / ١٠٠
(٢) سورة التوبة ٩ : ١٢٢.
(٣) سورة الشعراء ٢٦ : ٢١٤ .