وقال الفضل (١) :
أما قوله : «إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قصد بذلك إظهار فضله ، وحطّ منزلة الآخرين» ، فهذا باطل ؛ لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقصد قط حط منزلة أحد من المسلمين ، وكلّهم كانوا من أصحابه وأمرائه ، وإرادة حط منزلة من دأب أرباب الغرض والتعصب ، وحاشاه عن ذلك ، بل في كل يوم من أيام خيبر بعث رجلاً ولم يحصل الفتح ، فبعث من فتح الله بيده ، وهو كان أمير المؤمنين .
وأمّا ما قال : إنّه كان بأمر الله تعالى ، فإنّه لا ينطق عن الهوى ، فنقول : المراد من قوله : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ) (٢) : أنّه لا يتكلم بالباطل وبأمنية النفس ومتابعة الهوى ، لا أنّه لا يعمل برأيه الصائب ، فإن كل ما عمل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من تدبير أمور الحرب لم يكن من قبل هواه ونفسه ، بل برأيه الصائب المستنبط من كلام الله تعالى ومن أوامره .
فالظاهر أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم عمل هذا برأيه في الحروب ؛ لأنّ تدبيرات الحروب تتعلق بالرأي ، وإن سلّمنا أنّه من أمر الله تعالى ، فلا يلزم منه إرادة حط منزلة الشيخين ، ورفعة منزلة علي عليهالسلام لا تستلزم حطهما ، وأمثال هذه الاستدلالات على مطلوبه أوهن من بيت العنكبوت .
***
__________________
(١) إبطال نهج الباطل المطبوع ضمن إحقاق الحق : ٦٢٧ ( حجري ) .
(٢) سورة النجم ٥٣ : ٢ .