وأقول :
لا شك أنّه لو استولى أمير المؤمنين عليهالسلام على خلافة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعده وحل في منصبه ، لما وليها بعده إلا الحسنان ، وما حلم بها يزيد وأبوه ، ولا مرّت على وهمهما وأشباههما ، ولكن لما دفع الشيخان أمير المؤمنين عليهالسلام عن مقامه ، وصغرا عظيم شأنه وشؤون أهل بيته ، سهل الأمر على معاوية وأمثاله ، ولا سيما بعدما مكناه في البلاد وأوطاه رقاب العباد ، فنال بهما معاوية ما نال ، ثمّ صيّر الأمر بعده إلى ابنه ، فجاء إلى فرش ممهدة ، ووسائد منضّدة ، من أبيه ، وممن أسس له.
وهذا أمر ضروري وجداني يدركه كل عاقل ، ولا يحتاج إثباته إلى قول يزيد وغيره ، وإن كان قوله مؤيداً للمطلوب ، فالحسين عليهالسلام لم يقتل إلا بأسياف الأولين ، ولذا قال القاضي ابن قريعة (١) من أبيات له :
لولا حدود صوارم |
|
أمضى مضاربها الخليفة |
لنشرت من أسرار آل |
|
محمّد جملاً ظريفة |
وأريتكم أن الحسين |
|
أُصيب في يوم السقيفة (٢) |
__________________
(١) ابن قريعة : هو القاضي أبو بكر ، محمد بن عبد الرحمن البغدادي الظريف ، قاضي السندية وغيرها من اعمال بغداد كان مزاحاً خفيف الروح ، اديباً قاضياً ، سريع البديهية بالجواب ، ولد عام ٣٠٢ ه ــ وتوفي سنة ٣٦٧ ه ــ .
انظر : تاریخ بغداد ٢ / ٣١٧ رقم ٨٠٦ ، وفيات الأعيان ٤ / ٣٨٢ ، المنتظم ٨ / ٤١٤ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٢٦ رقم ٢٣٤ ، العبر في خبر من غير ٢ / ١٢٧ ، شذرات الذهب ٣ / ٦٠ ، اعلام الزركلي ٦ / ١٩٠.
(٢) ذكر هذه الأبيات الأريلي في كشف الغمة ١ / ٥٠٥.