وأقول :
لا يخفى ما في كلامه من التشويش والاضطراب ، فإنّه قال أولاً : «لم يجعل عمر الثلاث غير واحدةٍ ، ثمّ ناقض نفسه فقال : «ولم يحكم بأن الثلاث لا تقع دفعة واحدة» ، ثمّ قال : «وأن ليس له في الوقوع حكم الواحدة» ؛ أي ولم يحكم بأن ليس له في الوقوع حكم الواحدة ، وهو بمعنى كلامه الأوّل ، إلا أن يقال أنّ لفظ (لا) في قوله : «لا تقع» زائدةٌ ، فتتفق الجمل كلها بالمقصود .
وكيف كان ؟ فما ذكره في معنى الحديث لا يلائم قوله : «فلو أمضيناه عليم فأمضاه» ؛ إذ لو أراد عمر النهي عن البدعي بالمعنى الذي ذكر الفضل ، لقال : فلو نهيناهم عنه ، فنهاهم ، على أنّه لا يجامع عدالة الصحابة جميعاً كما يزعمون ــ فإنّهم كيف يستمرون في عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعده إلى سنتين أو ثلاث من إمارة عمر على هذه البدعة بلا ناه من الصحابة عن المنكر ولا منته عنه ؟ !
بل كيف تقع هذه البدعة في عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتستمر في عهده ، ولا يرفعها إلى أن تجيء نوبة عمر ، فيتولى هو المنع عن هذه البدعة دون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟!
وما بال عمر لم ينه عنها في السنين الأول من إمارته ، ولا في أيام أبي بكر ، وهما كسلطان واحد ؟ !
على أنّه إذا كان طلاق الثلاث في دفعة واحدة بدعة ، ونهى عنه عمر ، فكيف ذهب إليه علماؤهم واستمر عليه عملهم ؟! فلا إشكال أن عمرأول من أجاز طلاق الثلاث ثلاثاً ، وتبعه السُنّة ، وأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كان