وقال الفضل (١) :
كرّر في هذا الفصل إجمالاً ما ذكره تفصيلاً ، فهو يكرّر الكلام إجمالاً وتفصيلاً.
وقد أجبنا عن كل ماذكره فيما سبق من الكلام (٢) ، ولمّا كرّر الكلام ألجأنا إلى التكرار في الجواب .
فنقول : ما ذكر أنّه لا ينكر صدور الفعل عن الإنسان إلا مكابر جاحد .
فالجواب : إنّا نقول أيضاً هذا ، فإنّ إنكار صدور الفعل عن الإنسان مكابرة ، وليس هذا محل النزاع ، بل محل النزاع أن الخلق والتأثير غير المباشرة والكسب ، أو هما شيء واحد ، وليس هذا من الضروريات .
وأما قوله : «ولو كان كما توهموه لكان الله تعالى أرسل الرسل إلى نفسه».
فالجواب عنه : إن نسبة خلق الأفعال إلى الله تعالى لا توجب أن يكون مرسلاً إلى نفسه ؛ لأنّ إرسال الرسل إلى مباشر الأعمال السيئة والحسنة ، لا إلى خالق الأعمال ، فإنّ خلق الشيء ليس بقبيح بالنسبة إلى الخالق ، وإن كان قبيحاً بالنسبة إلى المباشر والمخلوق ، فلا يلزم ماذكر .
وأما قوله : «من أعجب الأشياء أنّهم يعجزون عن إدراك استناد أفعالهم إليهم ، مع أنه معلوم للصبيان والمجانين والبهائم ، ويقدرون على تصديق الأنبياء والعلم بصحة نبوّة كل نبي مرسل ...»إلى آخر كلامه.
__________________
(١) إبطال نهج الباطل المطبوع ضمن إحقاق الحق : ٧٠٧ ( حجري ) .
(٢) راجع ٣ / ٥٩ و ٢٣٣ من هذا الكتاب