فحاصله : أن قول الأشاعرة أنّ الأفعال مخلوقة لله تعالى يوجب إسناد الضلال إلى الله تعالى .
والجواب عنه ما ذكرناه مراراً : أن هذا الإيجاب ممنوع ؛ لأنّ الفساد والضلال مستند إلى مباشر الفعل وكاسبه ؛ لأنّه محلّ الفساد والضلال ، لا إلى الخالق ، والفرق بينهما ظاهر.
وقوله : «وحينئذ لا يبقى علم ولاظن بشيء من الاعتقادات».
قلنا : إذا أسند الفساد والضلال إلى الله تعالى ؛ بمعنى أنّه ــ حاشاه تعالى عن ذلك ــ فاسد ضال ، لارتفع الجزم بالشرائع والثواب ، ولا كلّ من خلق ما يعد فساداً وضلالاً بالنسبة إلى المخلوق لا بالنسبة إليه فهوفاسد.
وهذا الفرق ظاهر ، فكيف يصح أن يقال : إن قائل هذا كافر ، وهذا كفر محض ، وقد قال الله تعالى في مواضع عديدة من كتابه : ( يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ) (١) ( أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ) (٢) ( وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ ) (٣) ( يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ ) (٤) ؟!
فصرائح الآيات تدلّ على نسبة الإضلال إلى ذاته ، فكيف من قال بصرائح القرآن يكون قوله كفراً ؟ !
ولولا أن مذهب الشيخ الأشعري عدم تكفير أحد من أهل القبلة (٥) ، لكان يجب تكفير ابن المطهر بهذا التكفير !
__________________
(١) سورة النحل ١٦ : ٩٣ ، وسورة فاطر ٣٥ : ٨.
(٢) سورة محمد ٤٧ : ١ و ٨.
(٣) سورة الجاثية ٤٥ : ٢٣ .
(٤) سورة المدثر ٧٤ : ٣١
(٥) بل كفّر من قال بخلق القرآن كما في الإبانة : ٤٧ .