قال المصنّف ــ رفع الله درجته ــ (١) :
وفي الجمع بين الصحيحين في مسند أنس بن مالك ، قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مشاور حين بلغه إقبال أبي سفيان .
قال : فتكلّم أبو بكر ، فأعرض عنه ، ثمّ تكلّم عمر ، فأعرض عنه (٢) .
وهذا يدلّ على سقوط منزلتهما عنده ، وقد ظهر بذلك كذب من اعتذر عنهما في ترك القتال ببدر ، بأنهما كانا ، أو أحدهما في العريش يستضيء برأيهما ، فمن لا يسمع قولهما في ابتداء الحال ، كيف يستنير بهما حالة الحرب ؟
وقد اعترض أبو هاشم الجبائي فقال : أيجوز أن يخالف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما يأمر به .
ثمّ أجاب فقال : أما ما كان على طريق الوحي ، فليس يجوز مخالفته على وجه من الوجوه .
وأما ما كان على طريق الرأي ، فسبيله سبيل الأئمة في أنه لا يجوز أن يخالف ذلك حال حياته ، ويجوز بعد وفاته .
والدليل على ذلك أنّه أمر أسامه بن زيد أن يخرج بأصحابه في الوجه الذي بعثه فيه ، فأقام أسامة وقال : لم أكن لأسأل عنك الركبان ، وكذلك أبو بكر استرجع ، عمر ، ولا كان لأبي بكر استرجاع عمر (٣) .
__________________
(١) نهج الحق : ٣٣٩.
(٢) الجمع بين الصحيحين ٢ / ٦٤٤ ح ٦١٢٢ ، وأنظر : صحیح مسلم ٥ / ١٧٠.
(٣) الطرائف : ٤٤٩ نقلاً عن كتاب الجامع الصغير لأبي هاشم الجبائي.