قال المصنف ــ طاب ثراه ــ (١) :
وفي الجمع بين الصحيحين عن ابن عمر ــ في رواية سالم عنه ــ قال : دخلت على حفصة فقالت : أعلمتَ أنّ أباك غير مستخلف ؟
قلت : ما كان ليفعل .
قالت : إنّه فاعل .
قال : فحلفت أن أكلمه في ذلك ، فسكت حتى غدوت ولم أكلمه ، وكنت كأنما أحمل بيميني جبلاً حتى رجعت فدخلت عليه ، فسألني عن حال الناس وأنا أخبره .
قال : ثمّ قلت : سمعت الناس يقولون مقالةً ، فاليت أن أقولها لك :
زعموا أنّك غيرُ مُسْتَخْلِفٍ ، وأنّه لو كان راعي غنم أو راعي إبل ، ثمّ جاء وتركها لرأيت أنّه قد ضيّع ، فرعاية الناس أشد .
قال : فوافقه قولي .
فوضع رأسه ساعة ثم رفعه إليَّ ، فقال : إنّ الله يحفظ دينه ، وإنّي إن لا أستخلف ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يستخلف ، وإن أستخلف ، فإن أبا بكر قد استخلف.
فقال : والله ، ماهو إلا أن ذكر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبا بكر ، فقلت :
لم يكن ليعدل برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أحداً وإنه غير مستخلف» (٢) .
وهذا يدلّ على اعتراف عبد الله بن عمر بما تشهد به العقول ؛ من أن
__________________
(١) نهج الحق : ٣٥٤ .
(٢) الجمع بين الصحيحين ١ / ٩٩ ــ ١٠٠ ح ٢٢ ، وأنظر : صحيح مسلم ٦ / ٥.