وأقول :
ذكر المصنف رحمهالله مورد نزول الآية مجملاً بقوله : اتهموا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ــ وهم من أصحابه ــ ولم يعيّن أنّهم من الأنصار ، ثم ذكر مارواه الحميدي دليلاً آخر للطعن في أناس من الأنصار ، لا لبيان مورد نزول الآية ، كما توهّم الخصم ، وإن كان نزولها فيهم أو فيما يعمهم غير بعيد.
ودعوى الفضل اتفاق المفسرين على نزولها في ذي الخويصرة ، كاذبة ، فإن مفسّريهم اختلفوا ، كما في «الكشاف» وغيره في أنها نزلت بالمؤلّفة قلوبهم ، أو بأبي الجواظ ، أو بذي الخويصرة (١) .
كما أن قوله : « تابوا واستغفروا ، فقبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كذب أيضاً ، إذ لم يذكر ذلك في الحديث ، فإنّه رواه البخاري في باب غزوة الطائف من كتاب المغازي ، ولم يذكر فيه توبتهم واعتذارهم وقبول عذرهم (٢) .
نعم ، ذكر فيه اعتذار فقهاء الأنصار ، لا أولئك القائلين ، قال : قال فقهاء الأنصار أما رؤساؤنا فلم يقولوا شيئاً ، وأمّا ناس منا حديثةً أسنانهم ، فقالوا : يغفر الله لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يعطي قريشاً ويتركنا ، وسيوفنا تقطرمن دمائهم .
__________________
(١) الكشاف ٢ / ١٩٦ ــ ١٩٧ ، تفسير الماوردي ٢ / ٣٧٣ ، وقال أيضاً : «نزلت في ثعلبة بن حاطب » ، تفسير البغوي ٢ / ٢٥٤ ــ ٢٥٥ ، تفسير الرازي ١٦ / ١٠٠ ، تفسير القرطبي ٨ / ١٠٦ ، وذكر الحديث أيضاً أحمد في مسنده ٣ / ٥٦ ، وقال : «جاء ابن أبي الخويصرة .... الحديث وص ٦٥.
(٢) صحيح البخاري ٥ / ٣١٧ ــ ٣١٨ ح ٣٣٠ ــ ٣٣١.